في تطور سياسي لافت يعكس تصاعد التوترات في شمال شرقي سوريا، أطلق آلدار خليل، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحد أبرز مهندسي مشروع “الإدارة الذاتية”، تصريحات نارية ضد الحكومة السورية، محذرًا من خطر تفكك البلاد إذا ما استمرت السلطات في دمشق باتباع نهجها المركزي، على حد تعبيره. خليل شدد على ضرورة إجراء تعديل دستوري شامل يعترف بالتعددية القائمة على الأرض، وبالخصوصية القومية والسياسية للكرد في سوريا، مطالبًا في الوقت ذاته بوضع نهاية لأي محاولات إقصاء أو تهميش للمكون الكردي.
التصريحات جاءت في سياق مقابلة أجراها مع فضائية “كردسات نيوز”، حيث أكد أن أي مفاوضات قادمة مع دمشق يجب أن تنطلق من واقع القوة، وليس من موقع التبعية أو الضعف، مشيرًا إلى أن وفد التفاوض سيمثل الإدارة الذاتية بكل مكوناتها، بما فيها الوفد الكردي، وستكون الأولوية في أجندة الحوار لموضوع تعديل الدستور، وتحديد طبيعة نظام الحكم المستقبلي، إلى جانب هيكلية الجيش السوري.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه أروقة “الإدارة الذاتية” خلافات داخلية بشأن المسار التفاوضي مع النظام السوري، وسط ضغوط متزايدة يُمارسها حزب العمال الكردستاني (PKK) على مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لعرقلة أي تقارب محتمل مع دمشق. ووفقًا لمصادر خاصة نقلتها قناة “تلفزيون سوريا”، فإن هذه الضغوط تهدف إلى إبقاء الملف الكردي مرتبطًا بأجندة الحزب العابرة للحدود، بما يثير حفيظة أنقرة ويزيد من تعقيدات المشهد شمالًا.
وفي هذا السياق، حاول خليل الفصل بين سياسات “العمال الكردستاني” وما يجري في سوريا، معتبرًا أن قرار الحزب بحلّ نفسه – في إشارة رمزية إلى إعادة هيكلة تنظيمه – قد يشكل فرصة لأنقرة لإعادة النظر في موقفها تجاه الوضع في شمال شرقي سوريا. وأعرب عن أمله في أن تلتقط تركيا هذه “الإشارة” وترد بخفض التصعيد، مما قد يسهم في فتح آفاق جديدة للاستقرار، بحسب تعبيره.
خليل رفض بشكل قاطع ما سماها “الإملاءات التركية” بشأن مصير قوات قسد، مؤكدًا أن السلاح الذي تحمله هذه القوات هو لحماية مناطقها من أي تهديد خارجي، وليس ورقة تفاوض يمكن طرحها تحت الضغط. وأضاف أن الانفتاح على الحوار لا يعني القبول بالشروط التركية أو تقديم تنازلات تمسّ مشروع الإدارة الذاتية.
من جهة أخرى، تتابع أنقرة تطورات المفاوضات المحتملة بين الإدارة الذاتية ودمشق عن كثب، بحسب ما صرّحت به مصادر دبلوماسية تركية، ما يعكس اهتمامًا إقليميًا متزايدًا بمآلات هذا الملف، الذي قد يشكل مفتاحًا لحل أو تعقيد الأزمة السورية، بحسب القراءات السياسية.
في المجمل، تضع تصريحات آلدار خليل معالم مرحلة جديدة في الخطاب الكردي-السوري، تقوم على تثبيت مكتسبات الإدارة الذاتية والسعي لشرعنتها دستوريًا، بالتوازي مع محاولات تقليص النفوذ التركي واحتواء الضغوط القادمة من جبل قنديل. ومع تصاعد التحديات، يبدو أن المرحلة القادمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة القوى الكردية في سوريا على تحقيق توازن بين مصالحها الذاتية، ومتطلبات التوافق الوطني في إطار مشروع سياسي جامع.