أعلن البنك الدولي أمس الجمعة، عن سداد ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار بعد مدفوعات من السعودية وقطر، مما يجعل البلاد مؤهلة مرة أخرى للحصول على منح لتمويل إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي.
انتصار للحكومة السورية
وذكر البنك في بيان: “يسرنا أن سداد متأخرات سوريا سيسمح لمجموعة البنك الدولي بإعادة التواصل مع البلاد وتلبية الاحتياجات التنموية للشعب السوري”. وأضاف: “بعد سنوات من الصراع، تسير سوريا على طريق التعافي والتنمية”.
مثّل هذا أحدث انتصار للحكومة السورية الجديدة في سعيها لرسم مسارٍ مستقرٍّ للبلاد بعد قرابة 14 عامًا من الحرب الأهلية وعقودٍ من الدكتاتورية في ظل حكم عائلة الأسد. وجاء تخفيف عبء الديون بعد أيامٍ من إعلان الرئيس ترامب المفاجئ يوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة سترفع العقوبات عن سوريا.
لقاء ترامب والشرع
بعد يوم واحد، التقى السيد ترامب بالرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، في العاصمة السعودية الرياض، حيث كان في زيارة رسمية. كان هذا اللقاء الاستثنائي الأول بين زعيمي البلدين منذ 25 عامًا، ومثّل تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية وخطوة أخرى في تخفيف عزلة سوريا الدبلوماسية بوتيرة متسارعة.
تدخل الخليج
ومنذ أن أطاح تحالف من المتمردين بقيادة السيد الشرع بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، أعربت المملكة العربية السعودية وقطر عن رغبتهما في تقديم الدعم المالي للسلطات السورية الجديدة، ولكنهما أعربتا أيضا عن مخاوفهما بشأن احتمال انتهاك العقوبات الأميركية.
وفي حين تظل الشروط الدقيقة والجدول الزمني لرفع هذه العقوبات غير واضحة، فإن الخطوة التي اتخذتها الدولتان الخليجيتان الغنيتان بالموارد أكدت كيف أن إعلان السيد ترامب يمكّن الدول من تقديم المساعدة دون خوف.
عودة الثقة
هناك مؤشرات أخرى على تنامي الثقة في سوريا، بما في ذلك من جانب المستثمرين الدوليين. فقد وقّعت الحكومة مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع شركة موانئ دبي العالمية، وهي شركة تشغيل موانئ عالمية مقرها دبي، لتطوير ميناء طرطوس على الساحل الغربي لسوريا على البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الرسمية يوم الجمعة.
وكانت هذه أول صفقة كبرى منذ إعلان ترامب، وأضافت إلى التفاؤل المتزايد في سوريا بأن الخطوة الأميركية ستشير إلى الدول الأخرى بأن البلاد مفتوحة للاستثمار الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه.
تحديات كبيرة
مع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تنتظر هذا البلد الممزق، الذي عصفت به موجات متكررة من العنف الطائفي في الأشهر الأخيرة. ولا يزال جزء كبير من البنية التحتية للبلاد في حالة خراب، ولا يزال الملايين نازحين، ولا تزال الانقسامات العميقة بين الجماعات المسلحة المتنافسة تهدد جهود تحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
في الشهر الماضي، تعهدت المملكة العربية السعودية وقطر في بيان مشترك بسداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي. وصرح البنك يوم الجمعة بأن هذه الخطوة الأولى في خطة لزيادة الدعم لسوريا، والتي ستُمهّد الطريق لتعافي البلاد على المدى الطويل. ويهدف الجهد الأولي للبنك إلى توسيع نطاق الحصول على الكهرباء، أملاً في تحفيز النشاط الاقتصادي ودعم الخدمات الأساسية.
عودة الاستقرار
وجاء في بيان البنك الدولي: “سيساعد هذا على استقرار البلاد والمنطقة، وفي نهاية المطاف، لا بد من تهيئة بيئة مناسبة للقطاع الخاص للاستثمار، وخلق فرص العمل، وتمكين النمو بما يحقق الوعد بمستقبل أفضل للشعب السوري”.