منذ أسابيع قليلة، تسارعت الأحداث في القدس الشرقية، مع استمرار إغلاق مدارس الأونروا، في خطوة تضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية للحد من النشاط الفلسطيني في المدينة. في هذا السياق، لا يمكننا أن نتجاهل تأثير هذه الخطوات على المجتمع الفلسطيني في القدس، خاصة في مجال التعليم الذي لطالما كان عمادًا رئيسيًا للحفاظ على الهوية الثقافية.
إغلاق المدارس: خطوة سياسية بامتياز
لا شك أن قرار إغلاق مدارس الأونروا في القدس الشرقية ليس مجرد إجراء إداري، بل هو قرار سياسي بامتياز، يعكس توجهات الاحتلال الرامية إلى فرض سيطرته على المدينة بشكل أكبر. الأونروا، ومنذ تأسيسها، كانت بمثابة الحارس الأمين على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، إذ قدمت لهم التعليم والخدمات الأساسية في مواجهة التحديات التي يواجهونها في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة. ومع إغلاق هذه المدارس، يتحمل المجتمع الفلسطيني في القدس العبء الأكبر، إذ يجد نفسه أمام خيار صعب في ظل غياب بدائل حقيقية.
التهديدات الاجتماعية: أسلوب ترهيب غير مفاجئ
الأوضاع في القدس الشرقية لا تسير فقط على طريق الإغلاق والتهميش، بل تتصاعد الضغوط الاجتماعية التي تمارس على الفلسطينيين، حيث سُجلت تهديدات ضد أولياء الأمور الذين قرروا نقل أبنائهم إلى مدارس أخرى بعد إغلاق مدارس الأونروا. في أحد الأحياء التي من المقرر إغلاق مدارس الأونروا فيها، عُقد اجتماع، حيث حذّر بعض المشاركين من أن نقل الأطفال إلى مدارس بديلة قد يُصنّف الآباء “خونة”، ويؤذي مستقبل أبنائهم. هذا التهديد لم يكن مفاجئًا، بل هو في الأساس جزء من أسلوب ترهيب متبع بهدف فرض واقع جديد على الفلسطينيين في القدس، لكن ما يجب أن نلفت إليه الانتباه هو كيف يتحول التعليم من حق طبيعي إلى سلاح سياسي تُستخدم فيه أساليب الضغط والترهيب.
الفلسطينيون في القدس: تحديات يومية في مواجهة السياسات العنصرية
الفلسطينيون في القدس، الذين لطالما أصروا على البقاء في مدينتهم رغم التحديات الجمة، يجدون أنفسهم اليوم أمام معركة جديدة لا تقل صعوبة عن سابقاتها: معركة على التعليم. في ظل إغلاق مدارس الأونروا، تزداد معاناة الأسر الفلسطينية التي ترى في التعليم أحد وسائل الصمود والحفاظ على الهوية في وجه محاولات الاحتلال المستمرة لطمس معالم المدينة الفلسطينية. ورغم هذه الضغوط، يظل الفلسطينيون في القدس متمسكين بحقوقهم، مدركين أن أي تنازل في هذا المجال قد يفتح الباب أمام محاولات أكبر لتهويد المدينة.
التعليم: هوية ومقاومة
لا يمكن النظر إلى التعليم في القدس الشرقية على أنه مجرد مسألة أكاديمية بحتة، بل هو أداة من أدوات المقاومة. بالنسبة للفلسطينيين، فإن التعليم ليس فقط حقًا إنسانيًا، بل هو حجر الزاوية في الحفاظ على الهوية الثقافية أمام محاولات الاحتلال المتواصلة لفرض السيطرة. فالقدس، بأحيائها وشوارعها، تشهد كل يوم على صمود أهلها الذين يرفضون الاستسلام لواقع يراد لهم أن يعيشوه في ظل الاحتلال. إغلاق مدارس الأونروا هو محاولة أخرى لتقليص هذا الوجود، لكن ما ينساه الاحتلال أن الفلسطينيين في القدس قد اختاروا دائمًا الحياة والمقاومة.
الخاتمة: صمود الفلسطينيين في القدس
إغلاق مدارس الأونروا في القدس الشرقية ليس مجرد تصرف إداري، بل هو خطوة مدروسة ضمن سياسات الاحتلال الرامية إلى تغيير الحقائق على الأرض. لكن في قلب هذه السياسات، تظل القدس مكانًا لن ينطفئ فيه نور الأمل، مهما تعاظمت الضغوط. التعليم، كما كان دائمًا، هو السلاح الأقوى في يد الفلسطينيين لمواجهة هذه التحديات، وهو ما يجعل من إغلاق مدارس الأونروا تحديًا أكبر أمام الاحتلال. ستظل القدس، رغم كل المحاولات الإسرائيلية لتهويدها، منارة صمود لا تنطفئ، وسيتبقى شعبها متشبثًا بحقه في حياة كريمة، في تعليم حر، وفي هوية ثابتة لا تُمحى.