في موقف حازم جديد، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن طهران لن تضع توقيعها على أي اتفاق نووي لا يعترف صراحة بحقها في تخصيب اليورانيوم.
وفي تصريحات بثها التلفزيون الإيراني الرسمي، شدد عراقجي على أن بلاده لم تتجاوز الخطوط الدولية، وأن برنامجها النووي لا يزال في إطاره السلمي، رغم الضغوط الغربية الأخيرة والضربات العسكرية الأميركية التي استهدفت منشآت رئيسية.
تعاون “بصيغة مختلفة” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
رغم التصعيد، لم تغلق إيران الباب تماماً أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ أوضح عراقجي أن بلاده ستواصل التعاون مع الوكالة، لكن بـ”صيغة جديدة” تضمن أمن منشآتها النووية.
هذا التوجه يعكس توتراً متزايداً بين طهران والجهات الدولية، خصوصاً بعد إعلان رافائيل غروسي، مدير الوكالة، أن الضربات الأميركية لم تلغِ قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، ما يثير تساؤلات حول فعالية التصعيد العسكري في كبح الطموحات النووية الإيرانية.
ضربة أميركية.. وخلافات في التقدير الدولي
الشهر الماضي، شنّت الولايات المتحدة هجمات جوية استهدفت منشآت نووية في “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان” باستخدام قاذفات استراتيجية محمّلة بقنابل خارقة للتحصينات.
وبينما أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أن الضربات “محَت” البنية التحتية النووية الإيرانية، أتى تقييم الوكالة الدولية للطاقة الذرية مغايراً، حيث أشار غروسي إلى أن البرنامج الإيراني قادر على استعادة نشاطه “خلال أشهر”، ما يعكس انقساماً في المجتمع الدولي بشأن نتائج هذا التحرك العسكري.
البرنامج النووي الإيراني أمام لحظة مفصلية
تصريحات عراقجي، إلى جانب التصعيد الميداني، تضع الملف النووي الإيراني مجدداً في بؤرة التجاذب الإقليمي والدولي. فبينما تسعى القوى الغربية لإعادة التفاوض على أساس الاتفاق النووي لعام 2015، تصرّ طهران على تثبيت ما تعتبره “حقاً سيادياً” في تخصيب اليورانيوم، وترفض أي اتفاق يُنتقص من قدراتها التقنية. هذا المأزق، بحسب مراقبين، قد يدفع المنطقة إلى مزيد من عدم الاستقرار ما لم تُفتح قنوات تفاوضية جديدة برعاية دولية.
رغم التصعيد، لم تغلق إيران الباب تماماً أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ أوضح عراقجي أن بلاده ستواصل التعاون مع الوكالة، لكن بـ”صيغة جديدة” تضمن أمن منشآتها النووية.
لم يقتصر تحذير عراقجي على الجوانب السياسية، بل امتدّ إلى المخاطر البيئية والإنسانية، حيث أشار إلى أن الهجمات على المنشآت النووية قد تُسبب انتشاراً إشعاعياً خطيراً، إضافة إلى الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الغارات الأميركية. واعتبر أن أي تحرك عسكري مماثل مستقبلاً لن يمرّ دون عواقب، مشدداً على أن سياسة طهران النووية ستزداد تصلباً إذا استمر هذا النمط من التهديدات.
إيران ترفع سقف شروطها و”النووي” يدخل مرحلة جديدة
في ظل هذا التصعيد، تبدو إيران مصممة على إعادة ترتيب قواعد التفاوض، مع التلويح بخيارات متعددة تتراوح بين استئناف التخصيب بكامل طاقته وبين تشديد الإجراءات الأمنية داخل منشآتها.
وبينما تسعى القوى الدولية لاحتواء الملف الإيراني، تشير الوقائع إلى أن طهران تتحرك بثقة نحو فرض شروطها، معوّلة على انقسامات داخل الغرب، واستعدادها للعودة التدريجية إلى إنتاج يورانيوم مخصّب… ما لم تُوقّع على اتفاق “يليق بها”.