قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن إيران “تجاوزت الخطوط الحمراء” بعد استهدافها المباشر للمناطق السكنية داخل إسرائيل، وهي سابقة تُنذر بتغيير جوهري في طبيعة المواجهة بين الطرفين. فبينما كانت الضربات الإيرانية السابقة تقتصر غالباً على رسائل رمزية أو استهدافات عسكرية غير مباشرة عبر حلفائها، تأتي هذه الموجة الأخيرة لتؤكد انتقال طهران إلى أسلوب هجومي مباشر، يستهدف عمق الداخل الإسرائيلي، وتحديدًا المدن الكبرى.
الهجوم، الذي شمل بحسب تقارير ما لا يقل عن 150 صاروخاً، استهدف وسط البلاد بما في ذلك العاصمة الاقتصادية تل أبيب، وتسبب في أضرار مادية ونفسية جسيمة، رغم تدخل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي نجحت في اعتراض عدد من “التهديدات المستمرة”، وفق تعبير الجيش.
تل أبيب تحت النار: رمزية الموقع وأبعاد الاستهداف
أفادت المصادر المحلية باندلاع حريق في مبنى سكني بتل أبيب بعد سقوط صاروخ إيراني عليه، فيما لا تزال المعلومات حول حجم الأضرار البشرية غير واضحة بشكل كامل. سبعة إصابات على الأقل تم تأكيدها من قبل الأجهزة الطبية الإسرائيلية، وسط استنفار شامل وإصدار أوامر للمدنيين بالبقاء في الملاجئ.
ما يميز هذا الهجوم عن سابقيه هو رمزية المكان: تل أبيب ليست فقط قلب الاقتصاد الإسرائيلي، بل تُعد رمزًا لمناعة الدولة ومركزًا لتمركز القرار الأمني والعسكري. وأكدت القناة 13 الإسرائيلية اندلاع حريق قرب مقر وزارة الأمن، وسط مشاهد تصاعد أعمدة الدخان الكثيف بين ناطحات السحاب، الأمر الذي تسبب في حالة من الهلع والشلل في المدينة.
رد إسرائيلي قيد التبلور: معادلة “المدني بالمدني”؟
فيما لا تزال ألسنة اللهب تتصاعد في بعض المواقع المستهدفة، كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن توجّه رسمي للرد بطريقة موازية، مع تصريح لمسؤولين حكوميين يؤكد نية إسرائيل استهداف “مناطق مدنية” داخل إيران. هذا التهديد يُعد تحولاً استراتيجياً في قواعد الاشتباك، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تتجه فعلاً نحو كسر المحظورات الدولية والرد بالمثل، أي تطبيق مبدأ “المدني بالمدني”.
ردّ بهذا الشكل قد يفتح أبواب تصعيد إقليمي أوسع، ويُدخل المنطقة في دوامة من الفوضى الأمنية والسياسية، خاصة في ظل انعدام أي وساطة دولية فعالة في الوقت الراهن.
بين الدفاع والهشاشة: اختبار لأنظمة الردع الإسرائيلية
الهجوم الإيراني شكل أيضًا اختبارًا فعليًا لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بما في ذلك “القبة الحديدية” و”حيتس”. وقد دوّت صفارات الإنذار في مدن كبرى مثل تل أبيب والقدس، ما يشير إلى استشعار تهديد واسع النطاق، لم تتمكن الأنظمة الدفاعية من تحييده بالكامل. المشاهد المصورة من قلب تل أبيب، والتي أظهرت أعمدة من الدخان الأبيض تتصاعد في السماء، أثارت تساؤلات حول مدى فاعلية هذه المنظومات في مواجهة وابل من الصواريخ القادمة من دولة ذات قدرات عسكرية متطورة كإيران، لا مجرد جماعات مسلحة.
المنطقة على صفيح ساخن
الهجوم الإيراني المباشر على وسط إسرائيل يمثل نقطة تحول محورية في طبيعة النزاع بين الجانبين. ومن شأن الرد الإسرائيلي المحتمل، خصوصًا إذا طال مناطق مدنية، أن يفتح فصلاً أكثر دموية في الصراع، يصعب احتواؤه إقليميًا أو دوليًا. وبينما تترقب العواصم الغربية تطورات الساعات المقبلة، تبقى المنطقة كلها رهينة لحظة قد يتجاوز فيها التصعيد حدود الردع إلى مواجهة شاملة.