في أول رد فعل رسمي على خلفية إعلان السلطات البريطانية عن إحباط مخطط إرهابي مزعوم يستهدف السفارة الإسرائيلية في لندن، نفى وزير خارجية إيران عباس عراقجي “بصورة قاطعة” أي صلة لمواطنين إيرانيين بهذا المخطط. هذا النفي القاطع يأتي في ظل حالة من الترقب والتحقيقات المكثفة التي تجريها شرطة العاصمة البريطانية بعد اعتقال خمسة رجال إيرانيين للاشتباه في تحضيرهم لأعمال إرهابية في مواقع مختلفة بأنحاء إنجلترا، مع التركيز بشكل خاص على هدف “واحد” لم يتم الكشف عنه رسمياً.
ورغم تكتم الشرطة البريطانية عن تفاصيل الهدف المحدد للمؤامرة المزعومة، أشارت تقارير إعلامية بريطانية واسعة النطاق، بما في ذلك صحيفة “التايمز”، إلى أن السفارة الإسرائيلية الواقعة في منطقة كنسينغتون غرب لندن، كانت الهدف الرئيسي. هذا الترابط بين القضية والسفارة الإسرائيلية يضفي بعداً سياسياً واستراتيجياً على الحادثة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة بين إيران وإسرائيل.
عراقجي، وفي تعليقه عبر منصة “إكس”، لم يكتفِ بالنفي، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بالإشارة إلى “خلل ما” في القضية، مستنداً في ذلك إلى “التوقيت وعدم المشاركة” الرسمية للمعلومات مع إيران عبر القنوات الدبلوماسية. هذا التشكيك في مصداقية الاتهامات والتلميح إلى دوافع خفية يفتح الباب أمام احتمالات متعددة حول طبيعة هذه القضية وأبعادها الحقيقية.
وزير الخارجية الإيراني لم يتردد في التلميح إلى وجود “تاريخ لوجود أطراف ثالثة تسعى إلى عرقلة الدبلوماسية وإثارة التصعيد من خلال اللجوء إلى اتخاذ إجراءات محبطة، بما يشمل القيام بعمليات تحت رايات زائفة”. هذا الاتهام الضمني لقوى خارجية بالوقوف وراء هذه القضية بهدف تأجيج التوترات بين إيران والمملكة المتحدة يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد، ويشير إلى أن طهران تنظر إلى هذه الاتهامات بعين الريبة والشك.
في سياق متصل، حث عراقجي المملكة المتحدة على “التعاون” مع إيران وتقديم معلومات مفصلة حول المزاعم، مؤكداً استعداد بلاده للمساعدة في أي تحقيق “بشأن مزاعم موثوقة”. كما شدد على ضرورة أن توفر السلطات البريطانية “الإجراءات القانونية الواجبة” للمواطنين الإيرانيين المعتقلين، وهو ما يعكس قلق طهران على مصير رعاياها وحقوقهم القانونية.
من جانبه، أكد القائد دومينيك ميرفي، رئيس قيادة مكافحة الإرهاب في العاصمة البريطانية، على وجود “أسباب عملياتية جوهرية” تمنع الكشف عن مزيد من التفاصيل في الوقت الحالي، مطالباً المواطنين باليقظة والتواصل مع الشرطة في حال وجود أي مخاوف. هذا التأكيد على حساسية التحقيقات وعدم الكشف عن تفاصيلها يشير إلى أن القضية لا تزال في مراحلها الأولية وأن السلطات البريطانية تتعامل معها بقدر كبير من الحذر.
إن نفي إيران القاطع لهذه الاتهامات وتلميحاتها إلى “رايات زائفة” يضع القضية في مسار تصادمي محتمل بين طهران ولندن، خاصة إذا ما استمرت التحقيقات البريطانية في ربط المعتقلين بالمخطط المزعوم. التطورات القادمة في هذه القضية ستكون حاسمة في تحديد طبيعة العلاقات بين البلدين وتأثيرها على المشهد الأمني الإقليمي والدولي.