شنّ رجل الأعمال الأميركي والملياردير الشهير إيلون ماسك هجومًا لاذعًا على الإنفاق الحكومي المتزايد في الولايات المتحدة، واصفًا الأحزاب السياسية القائمة بأنها تمثل مصالح النخب لا المواطنين، ومطالبًا بتأسيس حزب جديد “يعبر فعلاً عن إرادة الشعب”.
وجاءت تصريحات ماسك عبر سلسلة منشورات حادة نشرها على منصته “X” (تويتر سابقًا)، عبّر فيها عن غضبه الشديد من رفع سقف الدين الوطني الأميركي بمقدار قياسي بلغ خمسة تريليونات دولار، منتقدًا بشدة ما وصفه بـ”الانفلات المالي غير المسؤول”.
“حزب الخنزير البدين” ومؤسسات لا تمثل الشعب
في واحدة من أكثر عباراته إثارة للجدل، وصف ماسك الحزب الحاكم في الدول ذات الحزب الواحد بـ”حزب الخنزير البدين”، في تعبير رمزي يُعتقد أنه يوجّه سهامه نحو الحزب الجمهوري، الذي دعم مؤخرًا تمرير رفع سقف الدين رغم شعاراته السابقة الداعية لخفض الإنفاق.
وقال ماسك في منشور لاحق: “نحتاج إلى حزب سياسي جديد يهتم حقًا بالشعب… لا بحسابات المصالح وتوسيع العجز”، في إشارة إلى ما يراه فشلًا ممنهجًا لدى الأحزاب القائمة في كبح جماح التضخم والديون.
انتقاد مباشر لأعضاء الكونغرس
الهجوم لم يقتصر على المؤسسات، بل شمل الأفراد أيضًا. إذ وجّه ماسك رسالة مباشرة إلى أعضاء الكونغرس الذين دعموا قانون رفع سقف الدين، قائلاً:
“كل عضو في الكونغرس خاض حملته الانتخابية متوعدًا بخفض الإنفاق، ثم صوّت لصالح أكبر زيادة في الدين بتاريخ أميركا، يجب أن يشعر بالخزي ويطأطئ رأسه عارًا”.
وأضاف ماسك، الذي يُعرف بتأثيره الكبير على الرأي العام الأميركي: “سأحرص شخصيًا على أن يخسر هؤلاء انتخاباتهم التمهيدية المقبلة، إذا كان هذا آخر ما أفعله على هذه الأرض”.
ماسك والسياسة: حضور متزايد ونفوذ رقمي
ويأتي هذا الهجوم في سياق أوسع لمواقف إيلون ماسك السياسية، التي باتت أكثر وضوحًا وتواترًا خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد استحواذه على منصة “تويتر” وتحويلها إلى ساحة مفتوحة للنقاشات السياسية.
وتشير تحليلات إلى أن ماسك يسعى لترسيخ نفسه كصوت مغاير للنخبة التقليدية في واشنطن، مستفيدًا من شعبيته الواسعة بين فئات من الأميركيين الساخطين على المؤسسات الحزبية القائمة، وعلى الأداء الاقتصادي والإداري للحكومة الفيدرالية.
نقاش محتدم حول الدين العام الأميركي
وتزامن تصعيد ماسك مع تجدد الجدل في الأوساط الأميركية بشأن حجم الدين القومي، الذي تجاوز مؤخرًا حاجز 34 تريليون دولار، ما أثار مخاوف متزايدة بشأن تداعياته المستقبلية على الاقتصاد الكلي والعدالة الاجتماعية والجيل القادم من دافعي الضرائب.
وفي حين ترى الإدارة الأميركية أن رفع سقف الدين كان ضرورة لتفادي تعثر الدولة عن سداد التزاماتها، ينتقد خبراء اقتصاديون – ومعهم ماسك – غياب خطة واضحة لتقليص العجز وتحقيق انضباط مالي فعلي.
هل يشعل ماسك معركة سياسية جديدة؟
ما بين وصفه لأعضاء الكونغرس بـ”المخادعين”، ودعوته إلى تشكيل حزب جديد، يبدو أن إيلون ماسك لا يكتفي بلعب دور رجل الأعمال أو المخترع، بل يتحول تدريجيًا إلى لاعب سياسي له وزنه في تشكيل الرأي العام.
ورغم أنه لم يُعلن صراحةً عن أي طموحات انتخابية، إلا أن حضوره المتنامي في الساحة السياسية، واستخدامه المكثف لمنصة “X”، يؤهلانه لأن يكون مؤثرًا في رسم ملامح المرحلة المقبلة من السياسة الأميركية، أو على الأقل في إعادة تعريف العلاقة بين الرأسمال الرقمي وصنع القرار السياسي.