تصل فصول المؤامرة الاسرائيلية إلى الذروة، حين يتم التفكير بتضييق الخناق على المصلين الوافدين إلى المسجد الأقصى المبارك في شهر رمضان، شهر العبادات والتلاوات، شهر المغفرة والرضوان، لكن حكومة نتنياهو والأجهزة الأمنية الإسرائيلية لهم رأي آخر.
طالعتنا وسائل الإعلام الاسرائيلية يوم أمس بتوصية قدمتها الشرطة والشاباك وأجهزة أمنية أخرى، بالسماح فقط لعشرة آلاف مصل بأداء صلوات الجمعة داخل الرحاب الطاهرة للمسجد الأقصى، على ان تتخذ الحكومة الإسرائيلية القرار النهائي في أمد قريب.
وفي تفاصيل التوصية تقول الشرطة إنه سيسمح فقط للرجال من فوق ٥٥ عاما والنساء من فوق ٥٠ عاما والأطفال دون ١٢ عاما بالدخول إلى الأقصى لأداء الصلوات، بمعنى حرمان أكثر من ثلثي المواطنين الراغبين بأداء الطقوس والمناسك الخاصة بالشهر الفضيل.
اقرأ أيضا.. الطريق لإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية
أين هي حرية العبادة في مثل هكذا قرار، إذا ما طبقته الحكومة الاسرائيلية فعلا، وشرطتها التي تنشر دوما في بياناتها قبل وخلال المناسبات الدينية، انها حريصة على توفير الراحة والهدوء والحفاظ على النظام العام من أجل أمن وسلامة المصلين سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودا، وأنها تضمن حرية العبادات، أم ان هذه الدعاية هي من أجل الاستهلاك الإعلامي فقط، ولغاية في نفس يعقوب؟
لقد بني المسجد الأقصى المبارك على أرض وقفية إسلامية عربية خالصة، ولا علاقة لإسرائيل ومستوطنيها فيه لا من قريب ولا من بعيد، ولا يجوز لأي جهة أو حكومة أو حزب أو فصيل أو وزير أن يتعرض لمسجد المسلمين وقبلتهم ووجهتهم التاريخية، وعلى الحكومة الاسرائيلية ان تتجنب اتخاذ قرارات على خلفية سياسية، انتقاماً من الفلسطينيين وعقابا لهم في ضوء الحرب المتواصلة على شعبنا في كل مكان، وعليها ان تعرف جيدا ان شعبنا يدرك طبيعة المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد المسجد الأقصى، الذي يعتبر خطا أحمر، تجاوزه يعني إعلان حرب، ليس على شعبنا الفلسطيني فقط، بل على الأمة الإسلامية بأكملها.
ألا يكفي المسجد الأقصى ما يعانيه، من إجراءات إسرائيلية ظالمة، تتصدرها اقتحامات المستوطنين وطقوسهم التلمودية، واستباحتهم لحرمة المسجد وقدسيته، وتصرفات أفراد الشرطة بحق المصلين، وحملة الاعتقالات والإبعاد في صفوف المرابطين والشيوخ والأئمة وفي مقدمتهم الدكتور الشيخ عكرمة صبري، أمين المنبر؟ حتى تطل علينا فصول مؤامرة جديدة تستهدف أحد أقدس وأطهر بقاع الأرض، وخلال أعظم شهر، لأسباب وحجج ومبررات واهية.
يعقد الفلسطينيون العزم على أداء الصلوات والقيام بطقوس العبادة طيلة الشهر الفضيل منذ ساعات الفجر الباكرة حتى نهاية صلوات التراويح، وهذا حق مكتسب، تكفله الشرائع الدينية والسماوية. وعلى إسرائيل وحكومتها أن تحترم الخصوصية في هذا الجانب الحساس، بدلا من الاعتداء على حرمة الدين والمسلمين.
التصدي لمثل هذا القرار يأتي بالرباط في المسجد الأقصى المبارك وشد الرحال إليه، لتفويت الفرصة على الإسرائيليين وأطماعهم، مع التأكيد على ضرورة اتخاذ القرارات المناسبة من قبل المملكة الأردنية الهاشمية، بوصفها صاحبة الوصاية على المقدسات الدينية المسيحية والإسلامية في مدينة القدس، حفاظا على الموقف الأردني الثابت الذي ينطلق من كون المدينة أرضا محتلة، ومسؤولية حمايتها وحماية مقدساتها مسؤولية دولية وفقا للقانون والقرارات الدولية.