في تطور خطير يعكس حجم التصعيد العسكري في المواجهة بين إيران وإسرائيل، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الجزء السفلي من منشأة نطنز النووية تعرّض لأضرار مباشرة نتيجة الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
وقالت الوكالة في بيان رسمي نُشر على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، إن تحليل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة أظهر مؤشرات جديدة على دمار طال قاعات التخصيب تحت الأرض، وهي من أكثر المواقع تحصيناً في البرنامج النووي الإيراني.
وأكدت الوكالة أن التحقيقات جارية لتقييم مدى خطورة الأضرار، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنه لا تغيير في تقديراتها الحالية بشأن منشأتي أصفهان وفوردو، اللتين استهدفتا في الهجوم نفسه دون أن يظهر عليهما دمار مماثل.
منشأة نطنز.. القلب النابض لبرنامج إيران النووي
تعد منشأة «نطنز» أحد الركائز الأساسية في البنية التحتية النووية الإيرانية، وتضم أجهزة طرد مركزي متطورة تُستخدم في تخصيب اليورانيوم، وسبق أن تعرضت لهجمات سيبرانية وأعمال تخريب في سنوات سابقة، لكن الضربة الأخيرة تمثل تطوراً نوعياً، لأنها استهدفت البنية التحتية تحت الأرض بشكل مباشر.
ويشير محللون إلى أن هذا النوع من الضربات، إذا تأكدت تفاصيله، يمثل تحولاً في التكتيك الإسرائيلي من التخريب الخفي إلى الاستهداف العسكري العلني والمنهجي للبنية التحتية النووية الإيرانية.
الدفاعات الإيرانية تتدخل: إسقاط مسيّرة إسرائيلية
بالتزامن مع إعلان الوكالة الدولية، أفادت وسائل إعلام إيرانية، نقلاً عن معاون محافظ أصفهان، بأن منظومة الدفاع الجوي “سوم خرداد” التابعة لقوات الجو-فضاء بالحرس الثوري أسقطت طائرة مسيّرة إسرائيلية قرب منشأة نطنز.
ووقعت عملية الاعتراض في منطقة كاشان، وهي جزء من الشبكة الدفاعية المحيطة بالموقع النووي الحساس. وأكد المسؤول أن الطائرة المعادية تم تدميرها بالكامل قبل أن تصل إلى هدفها.
ويرى مراقبون أن هذا الإعلان يعكس توتراً متصاعداً في محيط المنشآت النووية الإيرانية، وسط توقعات بأن تكون إسرائيل قد كثّفت عملياتها الاستطلاعية تمهيداً لمزيد من الضربات الجوية.
رسائل متبادلة.. وردود غير معلنة
في حين لم تصدر تصريحات إسرائيلية رسمية تؤكد أو تنفي تنفيذ الهجوم، يرى محللون أن تل أبيب تسعى من خلال هذه العمليات إلى تقويض القدرات النووية الإيرانية وعرقلة أي تقدم نحو امتلاك سلاح نووي.
وتأتي هذه الضربة في سياق تصعيد إقليمي واسع، يتزامن مع اشتداد المواجهات في غزة وتصاعد التوتر في الخليج، مما يزيد من خطورة انزلاق المنطقة إلى صراع مفتوح متعدد الجبهات.
هل ترد إيران؟ الخيارات بين الحرب والتهدئة
من جهة أخرى، يظل الرد الإيراني المحتمل محل ترقّب دولي، إذ تتنوع خيارات طهران بين تصعيد عسكري مباشر أو الرد عبر وكلاء إقليميين في مناطق نفوذها مثل العراق وسوريا ولبنان.
لكن المراقبين لا يستبعدون أن تلجأ إيران إلى تكتيك “الصبر الاستراتيجي”، خشية أن يؤدي التصعيد المباشر إلى مواجهة شاملة، خصوصاً في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية.
الوكالة الدولية تُحذر.. والدعوات تتصاعد لضبط النفس
في ضوء هذه التطورات، دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتوفير الضمانات الكاملة لسلامة المنشآت النووية المدنية، محذرة من أن أي استهداف لهذه المنشآت قد يؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية إقليمية.
وتراقب العواصم الغربية والعربية الوضع عن كثب، فيما تصاعدت الدعوات إلى تدخل دبلوماسي عاجل لاحتواء الأزمة وتجنب الأسوأ.