في قرار اعتبره مراقبون “تحولًا محوريًا في السياسة الأوروبية تجاه الملف السوري”، أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، اعتماد الإجراءات القانونية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة تهدف إلى دعم مرحلة إعادة الإعمار والانتقال السياسي في البلاد.
ويأتي القرار تتويجًا لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي عُقد الأسبوع الماضي، والذي خلص إلى توافق بين الدول الأعضاء على إنهاء التدابير الاقتصادية المفروضة، باستثناء تلك المتعلقة بالجوانب الأمنية وحقوق الإنسان.
إلغاء شامل للعقوبات الاقتصادية
وأوضح بيان رسمي صادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي أن الإجراءات القانونية المعلنة تشمل رفع جميع التدابير الاقتصادية التقييدية، بما في ذلك القيود على القطاعين المالي والطاقة. وأكد البيان استمرار العمل فقط بالعقوبات التي تستند إلى “مخاوف أمنية أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
وشمل القرار شطب 24 كيانًا سوريًا من قوائم العقوبات الأوروبية، من بينها مصرف سوريا المركزي وعدد من المصارف والشركات العاملة في قطاعات حيوية كـالنفط والقطن والاتصالات والإعلام.
ووفقًا للاتحاد الأوروبي، فإن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة إدماج الاقتصاد السوري في النظام المالي الدولي، وتحفيز تدفق الاستثمارات الأجنبية، بما يسهم في تحسين معيشة السوريين وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
دعم أوروبي مشروط بالعدالة والانتقال السياسي
في تصريحات لها، أكدت كايا كالاس، منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن القرار “يمثل دعمًا واضحًا لتعافي سوريا”، مضيفة: “هذا هو الوقت التاريخي الذي ينبغي فيه للاتحاد الأوروبي أن يساند الشعب السوري بصدق، ويدفع نحو انتقال سياسي حقيقي يلبي تطلعات جميع السوريين”.
وفي المقابل، شدد الاتحاد الأوروبي على التزامه بمبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، معلنًا تمديد العقوبات المفروضة على الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السوري حتى 1 يونيو 2026، لا سيما من تورطوا في انتهاكات بحق المدنيين أو يعملون ضمن أجهزة أمنية مسؤولة عن القمع.
كما أعلن المجلس إجراءات تقييدية جديدة بموجب “نظام الاتحاد الأوروبي العالمي لعقوبات حقوق الإنسان”، استهدفت شخصين وثلاثة كيانات يُعتقد تورطهم في أحداث عنف وقعت في المنطقة الساحلية السورية في مارس الماضي.
نحو سوريا جديدة.. موحدة وسلمية
بحسب البيان، فإن الهدف من القرار يتجاوز البعد الاقتصادي، ليصل إلى “إعادة بناء سوريا على أسس العدالة والمساءلة والسيادة الوطنية، دون تدخلات خارجية تضر بالعملية السياسية”.
ويُشار إلى أن الاتحاد الأوروبي كان قد اتخذ خطوات سابقة في هذا الاتجاه، حيث خفف جزئيًا العقوبات في فبراير الماضي لتسهيل التواصل مع الجهات السورية الجديدة، وأعلن في 20 مايو الجاري عن قراره السياسي برفع العقوبات بالكامل.
ويمثل هذا القرار تحولًا لافتًا في موقف الاتحاد الأوروبي بعد أكثر من 14 عامًا من العقوبات السياسية والاقتصادية، والتي فُرضت ردًا على الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري خلال سنوات النزاع.