أفاد مسؤولون صحيون محليون، يوم السبت 14 يونيو/حزيران، أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 41 فلسطينيًا. وتأتي هذه الغارات في وقت تشهد فيه غزة انهيارًا شبه كامل في البنى التحتية والخدمات الحيوية، وسط استمرار الحصار وغياب أي أفق لحل سياسي أو إنساني.
الدفاع المدني في غزة أكد مقتل 23 شخصًا على الأقل أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية، في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ أسابيع. ولم يصدر عن الجيش الإسرائيلي أي رد رسمي على طلب التعليق الذي وجهته إليه وكالة “فرانس برس”.
قصف متكرر ومعطيات محدودة
بحسب محمد المغير، أحد مسؤولي الإسعاف الأولي في القطاع، فقد توزعت بقية الوفيات — وعددها 18 — بين شمال وجنوب غزة، نتيجة غارات متفرقة استهدفت مناطق مأهولة، في ظل انعدام الملاذات الآمنة وانهيار منظومة الإنقاذ والطوارئ.
لكن، وبفعل القيود المفروضة على التغطية الإعلامية وصعوبة الوصول إلى المناطق المستهدفة، لم تتمكن وكالة “فرانس برس” من التحقق المستقل من الأرقام والظروف التي أُعلن عنها. وهو ما يعكس مجددًا المعضلة المزمنة المتعلقة بتوثيق الانتهاكات في بيئة معزولة ومحاصرة.
بنية طبية تتهاوى تحت القصف
الوضع الصحي في القطاع يقترب من مرحلة الانهيار الكامل، حيث لا تزال المنشآت الطبية عرضة للاستهداف. مستشفى ناصر في خان يونس، وهو من بين المراكز القليلة التي لا تزال تعمل جزئيًا، تعرّض مجددًا لنيران الجيش الإسرائيلي، وفق ما أكده الطاقم الطبي هناك.
بالتزامن، وثّق مراسلو وكالة “فرانس برس” انقطاعًا شاملاً في شبكات الاتصالات والإنترنت في جميع أنحاء القطاع، ما يزيد من عزلة غزة ويفاقم صعوبة التنسيق والإغاثة.
استهداف مراكز الإغاثة… أزمة فوق الأزمة
في سياق متصل، شهد مستشفى العودة تدفقًا هائلًا للمصابين بعد قصف بطائرات مسيّرة استهدف مدنيين بالقرب من نقطة توزيع قرب “ممر نتساريم”، وهو ممر عسكري إسرائيلي يشطر قطاع غزة إلى شطرين. وأكد الدفاع المدني أن ثمانية فلسطينيين قُتلوا وأُصيب نحو 125 آخرين في هذا الهجوم.
كما نقل مستشفى الشفاء في مدينة غزة جثامين 11 ضحية أخرى قُتلوا أثناء انتظارهم توزيع مساعدات غذائية، في حين قُتل أربعة آخرون في ظروف مشابهة بمناطق وسط وجنوب القطاع.
“GHF”: منظمة غامضة في قلب الأزمة
تسلّط هذه الحوادث الضوء على الإشكالية المتزايدة المحيطة بآلية توزيع المساعدات. فمنذ 27 مايو/أيار، بدأت “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF)، وهي جهة ممولة بشكل غامض وتحظى بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، بإدارة نقاط توزيع جديدة. غير أن الأمم المتحدة أعلنت رفضها التعاون مع هذه المؤسسة، مشيرة إلى شكوك جدية بشأن حيادها وشفافية عملها.
وجود GHF في المشهد الإغاثي أثار جدلًا واسعًا، لا سيما بعد تكرار الهجمات على مواقع التوزيع التي تشرف عليها، وسط غياب أي رقابة محايدة على إجراءاتها أو على أمن المدنيين الذين يتجمّعون عند تلك النقاط أملاً بالحصول على ما يسد الرمق.
واقع مأساوي بلا أفق
المشهد في غزة بات يُختصر في مفردات الحصار، والتجويع، والقصف، وتراجع المؤسسات الإنسانية. ومع غياب أي ضغط دولي فاعل يضمن حماية المدنيين أو يدفع باتجاه وقف إطلاق نار دائم، تبقى الكلفة البشرية مرشحة للتصاعد، في ظل صراع تتداخل فيه الحسابات الجيوسياسية مع مأساة السكان العالقين بين الأنقاض.