في جلسة استثنائية عقدها مجلس الوزراء الفلسطيني، الاثنين، بمدينة جنين، جدّدت الحكومة التزامها بإعادة إعمار المناطق المتضررة من الاعتداءات الإسرائيلية، وفي مقدمتها مدينة جنين ومخيمها، وطولكرم ومخيميها، في ظل ما وصفته بمحاولات الاحتلال لفرض وقائع جديدة تهدف إلى تصفية المخيمات الفلسطينية وتهجير سكانها قسرًا.
وأكد رئيس الوزراء محمد مصطفى أن الحكومة الفلسطينية ستبذل كل ما بوسعها للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على محافظات الضفة الغربية، وتحديدًا في شمالها. وشدد على أن الجهود الحكومية الحالية تندرج ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى توفير الإيواء الكريم للعائلات النازحة، وإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية.
وبحسب مصطفى، فإن الحكومة تعمل بالتنسيق مع الأشقاء العرب والشركاء الدوليين على تسخير كل الإمكانيات اللازمة لإعادة الإعمار، مشيرًا إلى إعداد وتنفيذ خطط ميدانية تراعي الاحتياجات العاجلة للنازحين والقطاعات المتضررة، خاصة في مجالات السكن، والخدمات الأساسية، والاقتصاد المحلي.
وقبيل انعقاد الجلسة، عقد اجتماع تحضيري موسع ضم ممثلين عن المؤسسات الوطنية في جنين، إلى جانب عدد من الوزراء، وشخصيات بارزة من بينهم أحمد أبو هولي رئيس دائرة شؤون اللاجئين، وزياد الميمي رئيس سلطة المياه، وناصر قطامي مستشار رئيس الوزراء للصناديق العربية والإسلامية، وأيمن إسماعيل القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة، وذلك لتقييم الاحتياجات ووضع آليات التدخل السريع.
وفي سياق متصل، أعلن مجلس الوزراء رفضه القاطع للآلية التي اقترحها الاحتلال بشأن توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، واعتبرها محاولة واضحة لتقويض دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) واستبدال المؤسسات الوطنية الشرعية بكيانات خاضعة للرقابة الإسرائيلية. وحيّا المجلس موقف وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي رفضت الانخراط في هذه الخطة، داعيًا في الوقت نفسه إلى ممارسة المزيد من الضغط الدولي لفتح المعابر أمام إدخال المساعدات إلى غزة دون قيود سياسية.
واتخذ المجلس حزمة قرارات اقتصادية وإنسانية عاجلة، من بينها تخصيص ميزانيات لإصلاح البيوت المتضررة وتوفير فرص عمل لسكان المخيمات، كما تم رصد 5 ملايين شيقل كدفعة إسعافية للعائلات النازحة في جنين وطولكرم، و7 ملايين شيقل أخرى لأصحاب المنشآت المتضررة، بالتوازي مع تقديم تسهيلات ضريبية تُعدّ لها لجنة خاصة برئاسة وزارة المالية.
كما ناقش المجلس مشاريع تهدف إلى توفير فرص عمل لقرابة 5 آلاف شخص، في قطاعات تشغيلية تشمل البلديات والمجالس القروية وإصلاح البنية التحتية، مع دعم مباشر للمشاريع الصغيرة والتعاونيات، خصوصًا تلك التي تقودها نساء.
وتواصل وزارة التنمية الاجتماعية جهودها لتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، حيث تعكف على تنفيذ اتفاقيات إغاثية بقيمة 13 مليون شيقل، بعد تدخلات سابقة تجاوزت 36 مليون شيقل في شمال الضفة خلال الأشهر الستة الماضية.
في مجال المياه، باشرت سلطة المياه تنفيذ مشاريع لتزويد البلديات باللوازم التقنية وتوسيع شبكة الصرف الصحي في جنين، بقيمة بلغت نحو 300 ألف دولار، في وقت تعمل فيه على كبح التعديات على خطوط المياه، وتحسين التزود اليومي في القرى المجاورة.
أما على صعيد الطاقة، فتجري الاستعدادات لإعادة تأهيل خطوط الكهرباء، وتزويد المؤسسات الصحية بـ14 مولدًا كهربائيًا لضمان استمرارية الخدمات.
وفي القطاع الزراعي، وفرت وزارة الزراعة تمويلًا لحفر 50 بئرًا، وإنشاء خطوط نقل مياه بطول 8 كيلومترات، ودعم 37 مشروعًا زراعيًا ناشئًا، إلى جانب تأسيس مختبر بيطري حديث.
وفي مجال التعليم، أعادت وزارة التربية فتح 33 مدرسة في جنين، واستوعبت أكثر من ألف طالب نازح من مدارس الأونروا، وتعمل حاليًا على خطة لصيانة المدارس المتضررة.
الجانب الصحي نال هو الآخر حيزًا من التمويل، إذ أعلن مستشار رئيس الوزراء عن مشاريع بقيمة 3.8 مليون دولار لتوسعة مستشفى جنين الحكومي، إضافة إلى تسريع إنشاء المستشفى الهندي التخصصي في بلدة عرابة.
وفي خطوة لتعزيز الهوية الثقافية للمنطقة، خصصت وزارة الثقافة دعمًا لأربعة مشاريع ثقافية في المحافظة، وتستعد لتنظيم فعاليات فنية وثقافية متنوعة. أما وزارة السياحة فقد وضعت خطة لإعادة تأهيل البيوت المهجورة في البلدة القديمة، بهدف استخدامها كمراكز إيواء أو منشآت سياحية لدعم الاقتصاد المحلي.
تأتي هذه الإجراءات في ظل استمرار الحصار والعدوان، كمحاولة حكومية حثيثة للحفاظ على النسيج الاجتماعي والاقتصادي في مناطق الضفة الغربية، وتحديدًا في جنين وطولكرم، باعتبارهما رمزين للصمود الفلسطيني.