أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم الأحد 6 يوليو 2025، اعتراضه صاروخاً باليستياً أُطلق من الأراضي اليمنية باتجاه إسرائيل، في تطور جديد يُنذر بتوسّع رقعة الصراع المرتبط بحرب غزة. وأكد الجيش في بيان مقتضب أن منظومة الدفاع الجوي «القبة الحديدية» اعترضت الصاروخ بنجاح، دون أن يسفر عن أضرار بشرية أو مادية، في حين دوّت صفارات الإنذار في عدد من المناطق الجنوبية والوسطى من البلاد.
تصعيد حوثي متواصل وتضامن معلن مع غزة
العملية تأتي في سياق التصعيد المستمر من جانب الحوثيين في اليمن، الذين أعلنوا مرارًا تضامنهم مع قطاع غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الجماعة المدعومة من إيران أطلقت عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وكذلك نحو السفن التجارية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من أن غالبية تلك الهجمات تم اعتراضها أو فشلت في إصابة أهدافها، فإنها فرضت تحديات أمنية جديدة على إسرائيل، وأثرت بشكل ملموس على حركة التجارة العالمية.
تل أبيب تهدد بالتصعيد البحري والجوي
ردّاً على الهجوم الأخير، توعدت إسرائيل الحوثيين بفرض “حصار بحري وجوي كامل” على اليمن، إذا استمرت الجماعة في شن هجمات ضدها.
وأفاد مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع بأن “صبر تل أبيب بدأ ينفد”، مؤكداً أن “أي اعتداء إضافي من الجنوب سيُقابل بضربات نوعية وقاسية”. وأضاف: “لدينا بنك أهداف واضح في اليمن، وسنفعّل كل الخيارات الممكنة لحماية أمننا القومي”.
البُعد الإقليمي: إيران في قلب الاتهامات
فيما تتجه أصابع الاتهام الإسرائيلية مجددًا نحو طهران، التي تُعد الداعم الرئيسي لجماعة الحوثي، قال محللون إن ما يحدث يُظهر أن المواجهة بين إيران وإسرائيل باتت متعددة الجبهات.
فإلى جانب دعم طهران لحزب الله في لبنان، والميليشيات في سوريا والعراق، يبدو أن الحوثيين باتوا طرفًا نشطًا في “حرب الظل” الدائرة منذ سنوات بين الجانبين.
البحر الأحمر.. ساحة اشتعال اقتصادي وأمني
يمثل البحر الأحمر بُعداً استراتيجياً بالغ الأهمية في هذا التصعيد. فمنذ أشهر، تأثرت حركة الملاحة بشكل مباشر بسبب تهديدات الحوثيين، مما تسبب في اضطراب سلاسل الإمداد والتجارة الدولية، ورفع تكاليف النقل البحري بشكل كبير.
وقد دفعت هذه التطورات الولايات المتحدة ودولاً أوروبية إلى تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، في محاولة لتأمين الممرات البحرية.
في أول تعليق دولي على الحدث، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن “قلقها العميق” من تصاعد الهجمات المتبادلة، داعية إلى “ضبط النفس وتجنب التصعيد الذي قد يُفضي إلى حرب إقليمية شاملة”.
وفي المقابل، لم يصدر تعليق فوري من جماعة الحوثي بشأن الصاروخ المُعترض، وهو ما اعتبره مراقبون تكتيكًا متعمداً لتجنب الإقرار بمسؤولية مباشرة قد تبرر ردًا عسكريًا إسرائيليًا.
سيناريوهات مفتوحة.. هل تشتعل الجبهة الجنوبية؟
يرى مراقبون أن التصعيد من الجبهة اليمنية، رغم محدودية أثره العسكري حتى الآن، يُعد خطراً استراتيجياً يضغط على إسرائيل على أكثر من جبهة. فإلى جانب الاشتباكات المتواصلة مع حزب الله في الشمال، وتوترات الضفة الغربية، تُمثل الهجمات من اليمن تهديدًا غير متوقع من مسافة بعيدة، ويصعب على تل أبيب إخماده دون تكلفة دبلوماسية وأمنية عالية.
اعتراض صاروخ جديد من اليمن باتجاه إسرائيل ليس مجرد حادث عابر، بل رسالة قوية بأن رقعة المواجهة قابلة للاتساع في أي لحظة. وفيما تُواصل الأطراف المعنية لعب لعبة التوازنات الحساسة، فإن منطقة الشرق الأوسط تقف على حافة تصعيد جديد، قد لا يطول انتظاره.