وسط تصاعد الآمال بوقف إطلاق النار في غزة، بدأت اليوم الأحد في العاصمة القطرية الدوحة جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة «حماس» وإسرائيل، بمشاركة وفود رسمية ووسطاء دوليين، وعلى رأسهم قطر والولايات المتحدة.
وأكد مصدر فلسطيني مطّلع أن الجولة الحالية تهدف للوصول إلى اتفاق يوقف نزيف الدم المستمر منذ أكثر من 21 شهراً في القطاع، ويشمل تبادلاً للأسرى، وسط دعم أميركي متجدد يقوده الرئيس دونالد ترمب.
مفاوضات معقّدة وتباينات قائمة
قال المسؤول إن الوفد الفلسطيني المفاوض بقيادة خليل الحية، إلى جانب الطواقم الفنية، يتواجد حالياً في الدوحة، مضيفاً: “الوفد جاهز لمفاوضات جدية وقد تلقى إشارات إيجابية من الوسطاء”.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إرسال فريق تفاوض إلى الدوحة، لكنه شدد على رفض حكومته للمطالب الأخيرة التي طرحتها حماس، واصفاً إياها بأنها “غير مقبولة”.
وبحسب بيان صادر عن مكتبه، فإن «تغييرات حماس على المقترح القطري لا يمكن لإسرائيل أن توافق عليها»، في مؤشر واضح على استمرار الهوة بين الطرفين رغم جهود الوساطة المكثفة.
مقترح أميركي «قيد النقاش»
أفادت مصادر فلسطينية بأن المقترح الأميركي الذي يشكل أساس الجولة الجديدة من المحادثات يتضمن هدنة تمتد إلى 60 يوماً، مقابل الإفراج المتبادل عن الأسرى. حيث ستُفرج «حماس» عن نصف الرهائن الإسرائيليين الأحياء، بينما ستطلق إسرائيل أعداداً من المعتقلين الفلسطينيين.
وأبدت حماس استعدادها الفوري لمناقشة المقترح الأميركي، ما أضفى زخماً على التحركات الدولية، لا سيما مع الاستعدادات الجارية لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن للقاء ترمب.
يُنظر إلى دخول الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خط الأزمة باعتباره تطوراً لافتاً، إذ يسعى لاستثمار الزخم الناتج عن التفاهمات الأخيرة بين إيران وإسرائيل لدفع نحو اتفاق تهدئة شامل في غزة. وتعهد ترمب بالضغط على نتنياهو لتحقيق اختراق حقيقي في الملف، ما يزيد من ترقب نتائج اجتماع الاثنين المرتقب في واشنطن.
دماء في الميدان.. وحديث عن سلام
وبينما تتجه الأنظار إلى طاولات التفاوض، لم تتوقف آلة الحرب، إذ شنت إسرائيل غارات عنيفة على مناطق عدة في قطاع غزة مع فجر الأحد، ما أسفر عن مقتل 23 مدنياً فلسطينياً، بينهم 12 من حي الشيخ رضوان شمال غزة، إضافة إلى إصابة 20 آخرين.
وأشارت وزارة الصحة في غزة إلى أن إجمالي عدد القتلى منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 تجاوز 57 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تطوّق القطاع.
قطر بين الوساطة والأمل
تكرّس قطر جهودها منذ شهور كوسيط محوري في النزاع، وتسعى الدوحة إلى تثبيت وقف إطلاق النار واستعادة الاستقرار، في وقت تتعالى فيه أصوات المجتمع الدولي الداعية إلى حماية المدنيين ووقف العمليات العسكرية فوراً.
ولا تزال التحديات قائمة، لكن وجود الأطراف في الدوحة، وحجم الضغوط الأميركية، وتعب المجتمع الدولي من استمرار الصراع، جميعها عوامل قد تمهد الطريق أمام اتفاق طال انتظاره… شرط أن يتوفر الحد الأدنى من النوايا السياسية لدى الجانبين.
بين أنقاض المباني المهدمة في حي الشيخ رضوان، وأعين الأطفال التي تترقب بلهفة نهاية للحرب، تبقى الدوحة هذه الأيام مركزاً للأمل والقلق في آنٍ واحد… فهل تحمل جولة المفاوضات هذه أخيراً بذور الهدنة؟ أم أن الميدان سيبقى سيد الموقف؟