بعد فترة من الغياب النسبي عن المشهد، عاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، إلى الواجهة من خلال جولة ميدانية في شوارع العاصمة طرابلس، حيث التقط صورًا مع المواطنين، وبدا حريصًا على إيصال رسالة رمزية تؤكد استعادة الهدوء في العاصمة، بعد أسابيع من التوترات الأمنية.
تلك الخطوة جاءت عقب قرارات تنظيمية حازمة أطلقها المجلس لاحتواء تداعيات اشتباكات دامية هزّت المدينة.
المنفي يُفعّل صلاحيات القائد الأعلى للجيش
بحسب مراقبين، فإن تحركات المنفي ليست مجرد ظهور إعلامي، بل تعكس سعيه الجاد لاستعادة دوره القيادي في ملف الأمن الوطني، خصوصاً بعد أن فعّل صلاحيات المجلس الرئاسي كقائد أعلى للجيش، وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي في جنيف 2021.
المجلس أطلق سلسلة قرارات بالتنسيق مع حكومة الوحدة لوقف الاشتباكات، وتجميد قرارات أمنية أثارت الجدل، من بينها حل جهاز الردع.
انتقادات وتحفظات.. هل اقترب المنفي من الدبيبة؟
رغم الترحيب الأممي بخطوات المجلس، لم تغب الانتقادات الداخلية. بعض النواب، وعلى رأسهم حسن الزرقاء، اعتبروا أن «الرئاسي» أصبح يغرد ضمن خط حكومة الدبيبة، ما يطرح تساؤلات عن استقلالية قراراته، ويعزز الاتهامات بأنه يسعى لحماية «الوحدة» من تبعات الأزمات المتراكمة، خاصة بعد خلافاته مع البرلمان بشأن الميزانية وصلاحيات الصندوق السيادي.
عودة «الرئاسي» إلى الحلبة السياسية ترافقها مخاوف من تصعيد جديد مع البرلمان الليبي، خاصة بعد اعتراض المنفي على مسودة الميزانية المقترحة من رئيس البرلمان عقيلة صالح. في المقابل، يرى مراقبون أن اقترابه من حكومة طرابلس قد يكون تكتيكًا لتجنب التهميش، في ظل التلويح بإعادة تشكيل حكومة جديدة تُقصيه نهائياً من المشهد.
في ظل حكومتين متصارعتين… هل ينجح «الرئاسي» في لعب دور الوسيط؟
في ظل استمرار الانقسام بين حكومتي الشرق والغرب، يسعى المجلس الرئاسي بقيادة المنفي إلى لعب دور متوازن يضمن بقاءه في مركز القرار، ويعيد له جزءاً من الزخم الذي فقده خلال السنوات الماضية. فهل ينجح في تحويل حضوره الرمزي إلى نفوذ سياسي حقيقي؟ أم أن تحركاته لن تعدو كونها رد فعل مؤقت على تصعيد أمني عابر؟