في خطوة جديدة تؤكد التزام المملكة العربية السعودية تجاه دعم الشعب اليمني وتخفيف معاناته، أعلنت السعودية عن تمديد عقد تنفيذ مشروع “مسام” لنزع الألغام في اليمن لمدة عام جديد، وبتمويل يبلغ حوالي 52.994 مليون دولار.
المشروع، الذي ينفذه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، يُدار بكوادر سعودية ذات كفاءة عالية، إلى جانب خبرات دولية متخصصة، ويُعد أحد أكثر المشاريع تأثيرًا وإنسانية في مشهد الأزمة اليمنية.
“مسام”.. أكثر من مجرد إزالة ألغام
لا يقتصر دور “مسام” على إزالة الألغام فقط، بل يتجاوز ذلك إلى بناء قدرات محلية مستدامة، حيث يعمل المشروع على تدريب وتجهيز الفرق اليمنية بمهارات وتقنيات نزع الألغام، وفقًا للمعايير الدولية.
ويُشكل هذا التدريب نواةً مهمة لخلق فرق وطنية مؤهلة تستكمل المهمة في المستقبل، مما يعزز الاستقلالية ويقلل الاعتماد الخارجي في هذا الملف الحساس.
أرقام تتحدث: 495 ألف لغم تم تفكيكها حتى الآن
وفقًا للدكتور عبدالله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة، فإن مشروع “مسام” نجح حتى اليوم في تفكيك وإزالة أكثر من 495,855 من الألغام والذخائر غير المنفجرة.
وأكد الربيعة أن “تجديد هذا العقد مع الشريك المنفذ يأتي إحساسًا من المركز بالمسؤولية الإنسانية تجاه الأشقاء في اليمن، لما يمثله هذا المشروع من أهمية بالغة في حماية أرواح المدنيين”.
المأساة في اليمن تتعمق مع زرع الألغام بشكل عشوائي وغير منضبط، غالبًا في مناطق مدنية مأهولة أو بالقرب من الطرق والمزارع والمنازل، ما جعل النساء والأطفال وكبار السن أكثر الضحايا.
تسببت هذه الألغام في إصابات مستديمة، إعاقات مزمنة، وحصاد بشري موجع، في واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية المتعلقة بالألغام في العالم الحديث.
“نزيل لغماً.. وتُزرع عشرات”: دعوة للضغط على الحوثيين
في ظل استمرار الأزمة، يطالب مشروع “مسام” المجتمع الدولي بضرورة الضغط على ميليشيا الحوثي للإفصاح عن مواقع حقول الألغام التي زرعتها.
ويؤكد القائمون على المشروع أن “كل لغم يتم تفكيكه، يُقابله عشرات تُزرع مجددًا”، ما يُعد تهديدًا حقيقيًا لأي جهود إنسانية على الأرض، ويُضاعف من معاناة اليمنيين.
استجابة سريعة للحالات الطارئة
واحد من أبرز تطورات مشروع “مسام” هو تبنيه آلية للتحرك السريع في حال وجود بلاغات أو حالات طارئة تتعلق بوجود ألغام أو ذخائر غير منفجرة.
هذا التحرك السريع ساهم في تقليل الإصابات وإنقاذ الأرواح في مناطق عديدة، خصوصًا في ظل غياب المنظومات الحكومية المختصة في عدد من المحافظات اليمنية.
دعم المجتمعات وبناء الأمان
تمدد “مسام” لا يمثل فقط تطهيرًا للأراضي، بل هو تطهير لمستقبل اليمن من الخوف، وتهيئة الأرض لعودة الحياة والتنمية.
مع كل لغم يُنزع، تُفتح نافذة جديدة للأمل، وتُزال عقبة من طريق المدارس والمزارع والمنازل.
تُثبت السعودية من خلال هذا المشروع أنها ليست مجرد داعم سياسي أو إغاثي لليمن، بل شريك فعلي في إنقاذ الأرواح وصناعة الأمل.
ومع استمرار الدعم وتمديد العقد لعام إضافي، يبقى “مسام” شعلة مضيئة في نفق الأزمة اليمنية، يقاوم حقلًا مليئًا بالموت، ليزرع بدلًا منه حياة.