في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة على أكثر من جبهة، أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اتصالاً هاتفياً مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، بحثا خلاله مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، في ظل جهود متواصلة لنزع فتيل التوتر وتعزيز الاستقرار.
اتصال رفيع يعكس التنسيق المستمر
الاتصال الذي تلقاه الأمير فيصل بن فرحان من الوزير البريطاني الجديد يأتي بعد أيام من تولي لامي منصبه في حكومة حزب العمال بقيادة كير ستارمر، ويُعد مؤشراً على الرغبة البريطانية في تثبيت مسارات التشاور مع الرياض، الحليف المحوري في الشرق الأوسط.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية، ناقش الطرفان “العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين”، مؤكدين الحرص المشترك على “تعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات”، وعلى رأسها التنسيق السياسي والدبلوماسي تجاه قضايا المنطقة.
الملف الإقليمي في قلب المحادثات
وتركزت المباحثات، وفقاً لمصادر دبلوماسية مطلعة، على التطورات المتلاحقة في قطاع غزة، والتوتر المتصاعد في الجنوب اللبناني، إضافة إلى التهديدات المتزايدة في مضيق هرمز والبحر الأحمر. كما ناقش الوزيران جهود خفض التصعيد ودعم المسارات الدبلوماسية في اليمن وسوريا والعراق.
ويُعد الملف الفلسطيني أولوية مزدوجة في أجندة البلدين، حيث تدعم السعودية مبادرة السلام العربية وتدعو لوقف إطلاق النار الشامل، في حين أعربت الحكومة البريطانية الجديدة عن نيتها تعزيز العمل مع الشركاء الإقليميين لإحياء مسار حل الدولتين.
مرحلة جديدة من العلاقات السعودية – البريطانية؟
الاتصال يأتي في وقت يُتوقع فيه إعادة صياغة السياسة الخارجية البريطانية بعد سنوات من سياسات متذبذبة في الشرق الأوسط. ويرى مراقبون أن حكومة ستارمر قد تعتمد نهجاً أكثر براغماتية وتوازناً، وهو ما يتقاطع مع توجهات السياسة السعودية القائمة على الشراكة وتوسيع قنوات الحوار مع القوى الغربية.
ورغم أن الاتصال لم يُعلن عن نتائج ملموسة، فإن توقيته ومضمونه يحملان دلالات دبلوماسية مهمة، خصوصاً مع حرص لندن على فتح صفحة جديدة مع العواصم الإقليمية الكبرى، وفي مقدمتها الرياض. كما يؤكد أن السعودية تواصل لعب دور محوري في التنسيق مع القوى الدولية بشأن الملفات الساخنة في المنطقة.
الحوار مستمر.. والمنطقة على صفيح ساخن
في ظل مشهد إقليمي يتراوح بين الانفراج الحذر والتصعيد المحتمل، يبدو أن قنوات الحوار السعودي – البريطاني ستظل مفتوحة ومتصاعدة في وتيرتها، خاصة في ظل توافق الطرفين على أولوية خفض التوتر، ودعم الاستقرار، والعمل على تسويات سياسية طويلة الأمد.
ومع حكومة بريطانية جديدة تسعى لترميم علاقاتها العالمية، وسعودية واثقة في موقعها القيادي، تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تسفر عنه هذه الاتصالات المتكررة من مواقف وسياسات تصنع الفارق في ملفات الشرق الأوسط.