شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا خلال الساعات الماضية، مواجهات عنيفة بين فصائل درزية مسلحة ومجموعات من العشائر البدوية، ما أسفر عن سقوط نحو 100 قتيل بينهم 18 عنصرًا من قوات الأمن السورية، وذلك بعد تدخل حكومي متأخر لاحتواء الصدامات التي اندلعت على خلفية عمليات خطف متبادلة وتوترات طائفية.
وقالت وزارة الدفاع السورية إن وحداتها تعرّضت لهجوم فجر أمس من قبل “جماعات خارجة عن القانون”، ما استدعى تدخلًا عسكريًا واسعًا شمل مدفعية ثقيلة وراجمات صواريخ على أطراف المدينة.
دخول إسرائيلي على خط الأزمة: غارات على دبابات سورية قرب السويداء
في تصعيد لافت، دخلت إسرائيل على خط التوتر، معلنة أنها استهدفت دبابات تابعة للجيش السوري في قرية سميع بمحافظة السويداء، واعتبرت الهجوم بمثابة “تحذير” للسلطات السورية، متهمة دمشق بمحاولة فرض السيطرة بالقوة على مناطق الدروز.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن “حماية الدروز” أصبحت بندًا رسميًا على طاولة المفاوضات مع سوريا، في خطوة تعكس قلق تل أبيب من انزلاق الجنوب السوري إلى مواجهات طائفية تُهدد أمن حدودها.
الرئاسة الروحية للدروز تطالب بالحماية الدولية
في موقف يعكس عمق الأزمة، رفضت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز تدخل الأمن العام السوري وأي جهات خارجية، وطالبت في بيان رسمي بـ”الحماية الدولية لأبناء السويداء”، معتبرة أن الحل العسكري سيؤدي إلى مزيد من الدماء والتفكك.
لكن الموقف تغيّر لاحقًا صباح الثلاثاء، إذ رحبت الرئاسة الروحية بدخول القوات الحكومية إلى المدينة، داعية الفصائل المسلحة للتعاون معها وتسليم أسلحتهم “حقنًا للدماء وتفعيلًا لمؤسسات الدولة بالتنسيق مع أبناء المحافظة”.
حظر تجول ودعوات لتسليم السلاح
أعلن قائد الأمن الداخلي في السويداء العميد أحمد الدالاتي عن فرض حظر تجول شامل في المدينة حتى إشعار آخر، مشيرًا إلى أن القوات النظامية “ستبدأ بدخول مركز المدينة لتثبيت الاستقرار ووقف الاشتباكات”.
وأضاف: “ندعو جميع المرجعيات الدينية وقادة الفصائل المسلحة إلى التعاون الكامل مع قوات وزارتي الداخلية والدفاع، حفاظًا على السلم الأهلي، وتسليم السلاح للجهات المختصة”.
قذائف على أطراف المدينة واستعداد لاقتحام السويداء
قال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية إنه سمع دوي قذائف وانفجارات قوية في منطقة المزرعة غرب السويداء، وشاهد أرتالًا عسكرية ضخمة تتقدم نحو المدينة، مدعومة بمدفعية وراجمات صواريخ ثقيلة، في وقت تواصلت فيه الاشتباكات في بلدات متفرقة بالمحيط.
وتعد هذه المواجهات الأوسع في السويداء منذ اندلاع الثورة السورية، وتأتي بعد سيطرة فصائل درزية محلية على إدارة الأمن في المحافظة خلال الأشهر الماضية، وسط تنامي توتر خفي مع عشائر بدوية سُنية تتهمها دمشق بتأجيج الفوضى.
تحذير دولي: حماية الأقليات ضرورة للاستقرار الانتقالي
تعالت أصوات التحذير من تصاعد العنف الطائفي في الجنوب السوري، وسط دعوات دولية للحكومة السورية بضرورة ضمان حماية الأقليات والمشاركة في أي مرحلة انتقالية.
وطالب دبلوماسيون غربيون في دمشق السلطات بـ”وقف الحلول الأمنية العنيفة، وفتح حوار حقيقي مع القوى المحلية في السويداء”، محذرين من تداعيات إقصاء الدروز أو التعامل معهم كخصوم سياسيين أو أمنيين.
الأحداث الدامية في السويداء تكشف مجددًا هشاشة الوضع السوري، وانفجار التوترات الطائفية والاجتماعية في أي لحظة. ومع دخول إسرائيل كلاعب مباشر في جنوب سوريا، تزداد المخاطر من تدويل الأزمة، ما يجعل من الحوار المحلي الحقيقي، لا القمع الأمني، الطريق الوحيد لتجنب انزلاق البلاد نحو فوضى أعمق.