تتزايد المؤشرات على تصاعد التنافس العسكري بين الصين والولايات المتحدة في القرن الإفريقي، وسط تسريبات حول مفاوضات أميركية لإنشاء قاعدة في “أرض الصومال”، وتحركات صينية لتوسيع وجودها نحو إريتريا، بعد ثماني سنوات من افتتاح قاعدتها الوحيدة في جيبوتي.
بربرة على الطاولة… ورفض في هرجيسا
في 16 مارس 2025، تسرّبت مسودة رسالة من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يقترح فيها منح واشنطن “سيطرة تشغيلية حصرية” على منشآت بربرة، بهدف دعم الحرب على حركة الشباب. لكن حكومة أرض الصومال سارعت إلى رفض الاقتراح، معتبرة أنه “محاولة يائسة” من مقديشو لا تملك أي سلطة على الإقليم.
في المقابل، أكد ممثلو “صوماليلاند” أنهم عرضوا بشكل مباشر على واشنطن إنشاء قاعدة عسكرية دون اشتراط الاعتراف الرسمي باستقلال الإقليم، رغم كونه هدفًا بعيد المدى لهم.
بكين تتجه إلى إريتريا: تنويع وتمركز
بالتوازي، تشير تقارير إلى أن الصين تسعى لتأسيس موطئ قدم عسكري في إريتريا. وتأتي هذه الخطوة في سياق إستراتيجية تهدف إلى تنويع مواقع الانتشار خارج جيبوتي، التي شهدت توترات مع القوات الأميركية، بما في ذلك حوادث استخدام أشعة ليزر ضد طيارين.
إريتريا تملك موانئ عميقة وموقعًا إستراتيجيًّا على البحر الأحمر، وسبق أن استفادت من الاستثمارات الصينية في مشاريع التعدين والطاقة والبنية التحتية. وقد تعزّزت العلاقات الثنائية عقب زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى بكين في 2023.
تحرك مضاد أم مواجهة طويلة الأمد؟
يرى مراقبون أن تطلع واشنطن إلى قاعدة في بربرة سيُنظر إليه في بكين كتهديد مزدوج: أولًا عسكريًا، وثانيًا من زاوية التشابه بين ملف “صوماليلاند” و”تايوان”. كما أن التمركز الصيني في إريتريا قد يتيح لبكين مراقبة مضيق باب المندب وتوسيع قدرات الردع والاستخبارات، وسط نمو مضطرد للتجارة الصينية عبر البحر الأحمر.
سباق استراتيجي مفتوح
إن توسع بكين في إريتريا، إن تحقق، سيكون له تأثير مباشر على التوازن الإقليمي، وقد يدفع الولايات المتحدة لتعجيل شراكتها مع صوماليلاند، ما سيزيد من عسكرة القرن الإفريقي، ويحوّل البحر الأحمر إلى مسرح تنافس مفتوح بين القوى الكبرى، في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة.