أفادت مصادر سياسية مطلعة من بغداد، أن الحكومة العراقية أبلغت بشكل واضح عدداً من قادة الفصائل المسلحة بضرورة تجنب الانخراط في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، في مسعى لتفادي تداعيات كارثية قد تجر البلاد إلى صراع غير محسوب العواقب.
ووفقاً لتسريبات، فقد أجرى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اتصالات مكثفة مع قيادات في “الإطار التنسيقي” وفصائل شيعية نافذة، أبلغهم خلالها بأن العراق ليس معنياً بهذه الحرب، وأن “أي مغامرة غير محسوبة ستُواجَه بحزم من قبل الدولة”.
اتصالات على أعلى المستويات
في ضوء التوتر المتصاعد في المنطقة، كشفت مصادر حكومية أن بغداد قامت بتحركات دبلوماسية واتصالات مباشرة مع الجانب الإيراني، طالبت خلالها بعدم استخدام الأراضي العراقية أو الفصائل الموالية لطهران لضرب المصالح الأميركية أو الدخول في أي ردود فعل انتقامية من الأراضي العراقية.
وأشارت ذات المصادر إلى أن طهران طمأنت بغداد بأنها لا تخطط حالياً لأي نشاط عسكري من داخل العراق، وأنها ستنقل رسائل تهدئة إلى حلفائها في الداخل العراقي.
فصائل موالية: “سلاحنا لا يغيّر الموازين”
في تصريحات لافتة، قال متحدث باسم فصيل “كتائب سيد الشهداء”، أحد أبرز الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، إن الإمكانات المتوفرة لديهم “لن تُغيِّر من موازين القوى” في حرب تُستخدم فيها تقنيات متطورة وصواريخ بعيدة المدى.
وأضاف المتحدث أن الفصائل تدرك تماماً حجم التعقيد العسكري في المواجهة الحالية، وأن “التدخل في هذا السياق لن يحقق أي فائدة استراتيجية”، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على قبول ضمني بقرار الحكومة.
الشارع العراقي: قلق من سيناريوهات التصعيد
وسط هذه التطورات، يعمّ القلق أوساط الشارع العراقي من احتمال تحوّل البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات بين طهران وواشنطن أو بين إيران وحلفاء إسرائيل في المنطقة.
ويرى مراقبون أن موقف الحكومة العراقية يُعدّ اختباراً حقيقياً لقدرتها على ضبط سلوك الفصائل، التي اعتادت على التحرك خارج إرادة الدولة في محطات سابقة.
تحديات توازن العلاقة مع إيران
يبقى التحدي الأكبر أمام حكومة السوداني هو الحفاظ على علاقات استراتيجية مع إيران، دون السماح بأن تتحول الأراضي العراقية إلى منصّة لصراعاتها مع خصومها.
وتسعى بغداد للتمسك بسياسة “النأي بالنفس”، مع ضمان ألا تخسر حلفاءها التقليديين، خصوصاً في ظل وجود قوى سياسية وفصائل مسلحة تدين بالولاء لإيران بشكل مباشر.
خلاصة المشهد: موقف حذر.. ورسائل تهدئة
التحركات الأخيرة تكشف عن وعي عراقي متزايد بمخاطر الانجرار نحو صراع إقليمي واسع قد يُفجِّر الساحة الداخلية مجدداً.
وبينما تُواصل بغداد مساعيها لاحتواء الموقف، تبقى عيون الجميع شاخصة نحو الحدود، ترقباً لأي تطور مفاجئ قد يُعيد إشعال فتيل المواجهة على الأرض العراقية.