طالبت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، بفتح تحقيق مستقل وعاجل في الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية على المرافق الصحية وسيارات الإسعاف والمسعفين في لبنان، مؤكدة أن هذه الاعتداءات قد ترقى إلى “جرائم حرب” بموجب القانون الدولي.
جاء ذلك في تقرير مفصل صدر عن المنظمة، أطلعت على “جسور بوست” حيث استعرض أدلة ميدانية وشهادات موثقة تثبت الاستهداف المتكرر لهذه المنشآت والأطقم الطبية أثناء أداء مهامها الإنسانية.
ووثّق التقرير أكثر من 15 هجومًا استهدف منشآت طبية وسيارات إسعاف في مناطق متفرقة من جنوب لبنان خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأكدت العفو الدولية أن هذه الهجمات لم تكن مجرد أضرار جانبية في سياق العمليات العسكرية، بل استهدفت بشكل مباشر مرافق صحية تعمل تحت إشراف منظمات إنسانية معترف بها دوليًا.
سكان غزة يشعرون بالقلق بسبب إغلاق إسرائيل للحدود وارتفاع أسعار المواد الغذائية
وشدد التقرير على أن القانون الدولي الإنساني يمنح حماية خاصة للمؤسسات الطبية والعاملين في المجال الصحي، ويحظر بشكل صارم استهدافهم أو عرقلة أعمالهم.
مطالب بفتح تحقيق دولي
دعت المنظمة السلطات اللبنانية إلى التعاون مع الجهات الدولية المختصة لضمان تحقيق شفاف وفعال في هذه الجرائم.
وحثّت مجلس الأمن الدولي على اتخاذ إجراءات فورية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الاعتداءات، وضمان عدم تكرارها في المستقبل.
وأكدت العفو الدولية أن لبنان يمكنه منح المحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية استثنائية للنظر في هذه الانتهاكات، وهو ما قد يسهم في تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.
شهادات مروعة من الميدان
رصد التقرير شهادات لعاملين في القطاع الصحي، أكدوا أن بعض الهجمات وقعت رغم وجود تنسيق مسبق مع الجهات المعنية لإعلامها بوجود سيارات إسعاف في مواقع محددة.
وأفاد أحد المسعفين بأن غارة جوية إسرائيلية أصابت سيارة إسعاف أثناء محاولتها نقل جرحى من قصف سابق، ما أدى إلى مقتل المريض الذي كان داخلها وإصابة الفريق الطبي.
وأضاف أن الطواقم الطبية تواجه صعوبة متزايدة في تقديم الرعاية الصحية بسبب تكرار استهداف البنية التحتية الصحية وانعدام الضمانات الأمنية.
دعوات لوقف التصعيد
استنكرت منظمات حقوقية دولية أخرى هذه الهجمات، مشددة على ضرورة احترام القوانين الدولية التي تحمي العاملين في المجال الطبي.
وطالبت الأمم المتحدة إسرائيل بوقف استهداف المنشآت المدنية فورًا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين دون عوائق.
وأكدت جهات دبلوماسية أن استمرار هذه الاعتداءات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في لبنان، وعرقلة جهود الإغاثة التي تعتمد عليها آلاف الأسر المتضررة.
تداعيات قانونية محتملة
حذر خبراء في القانون الدولي من أن هذه الانتهاكات قد تشكل أساسًا قانونيًا لملاحقات قضائية في المحاكم الدولية.
وأشار التقرير إلى أن استهداف المرافق الطبية يُعد جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف، ما قد يعرض المسؤولين عن هذه الهجمات لمساءلة قانونية أمام محاكم دولية مختصة.
ودعت العفو الدولية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى ممارسة ضغوط دبلوماسية على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات، وضمان التزامها بالقوانين الدولية في تعاملها مع المناطق المدنية خلال العمليات العسكرية.
الإفلات من العقاب
اختتم التقرير بدعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جادة لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، وضمان محاسبة المسؤولين عن استهداف المرافق الصحية والعاملين في المجال الإنساني.
وأكدت العفو الدولية أن احترام القانون الدولي ليس خيارًا، بل التزام يجب على جميع الأطراف الامتثال له، حفاظًا على أرواح المدنيين وضمان حقهم في الحصول على الرعاية الصحية في أوقات النزاع.