أثبتت دراسة حديثة أن المستخلصات المصنوعة من أجزاء نبات الكاجو التي تُرمى عادةً عند معالجة المكسرات تجاريًا، تُحد بشكل كبير من نمو الخلايا الدهنية وتراكم الدهون. تشير نتائج هذه الدراسة، التي جاءت في تقرير نشره موقع “New Atlas“، إلى أن نبات الكاجو يمكن اعتباره طريقة مبتكرة لتحسين الصحة ومكافحة السمنة التي تؤثر على أكثر من مليار شخص حول العالم.
الكشف عن سر “تفاحة الكاجو” وقشرتها المنسية
تُعد السمنة مشكلة صحية عالمية معقدة، تتأثر بمجموعة من العوامل الوراثية والبيئية والاجتماعية، وتُسهم في زيادة معدلات الاعتلال والوفيات. لذا، لا عجب أن يركز العلماء على إيجاد طرق آمنة وفعالة لعلاج هذه الحالة المتفاقمة.
توصلت دراسة جديدة، بقيادة بروفيسور هيروكو إيسودا من معهد العلوم الحياتية والبيئية بجامعة تسوكوبا اليابانية، إلى أن أجزاء مختلفة من نبات الكاجو، من الثمرة إلى القشرة، تُؤثر على نمو الخلايا الدهنية، المعروفة باسم الخلايا الشحمية، وعلى تراكم الدهون. كانت دراسات سابقة قد أشارت إلى الإمكانات المشتركة لأجزاء نبات الكاجو في تقليل وزن الجسم والسمنة وخفض الدهون في النماذج البشرية والحيوانية، إلا أن التأثير المباشر على تمايز الخلايا الدهنية ونمطها الجزيئي النهائي ظل غير مستكشف.
تُنتج شجرة الكاجو جوز الكاجو وجزءًا لحميًا ينمو فوق الجوزة يُسمى تفاحة الكاجو. لكن عند معالجة جوز الكاجو، غالبًا ما يتم التخلص من تفاحة الكاجو، على الرغم من كونها صالحة للأكل، أو تُترك دون استخدام في العديد من أنظمة معالجة المكسرات التجارية. وفي كثير من الأحيان، يحدث نفس الأمر مع القشرة الصلبة التي تُحيط بالجوزة، والتي تحتوي على راتنج سام يُسمى اليوروشيول، والذي يوجد أيضًا في اللبلاب السام.
المستخلصات المذهلة: تثبيط الخلايا الدهنية وتعزيز “الأديبونيكتين”
أظهرت أبحاث سابقة أُجريت على فئران المختبر والبشر باستخدام الكاجو وتفاح الكاجو، أنهما يُقللان من وزن الجسم ومستويات الدهون في الدم، ويُؤثران على تخزين الدهون. في هذه الدراسة، حضّر الباحثون مستخلصات من نواة الكاجو، وتفاح الكاجو المجفف، وقشر الكاجو، واختبروها بتركيزات مختلفة على خلايا 3T3-L1، وهي خلايا معروفة بقدرتها على التحول إلى خلايا دهنية ناضجة.
درس الباحثون بدقة تأثير كل مستخلص على عملية التحول هذه وتراكم الدهون، وهو تراكم الدهون داخل الخلايا، وخاصةً الخلايا الدهنية. في حين أن بعض الدهون في الجسم طبيعية وضرورية لتخزين الطاقة وعزلها، إلا أن الإفراط فيها ربما يُسبب مشاكل صحية خطيرة.
اكتشفوا أن مستخلص قشر الكاجو يُثبط بشدة تكوين الخلايا الدهنية عن طريق تثبيط عوامل نسخ مُحددة تُعزز عادةً تمايز الخلايا الدهنية. وعوامل النسخ هي بروتينات تعمل كمفاتيح للتحكم في وقت وكيفية تشغيل الجينات وإيقافها في الخلية. في سياق الخلايا الدهنية وتكوينها، تُعدّ هذه المواد أساسية للتحكم في كيفية تحول الخلايا العادية إلى خلايا دهنية، وتنظيم كيفية تخزين الدهون واستخدامها.
كما قلّل مستخلص تفاح الكاجو المجفف من نشاط عوامل النسخ هذه، ولكن بشكل مختلف قليلاً عن مستخلص قشر الكاجو. فقد بدا أنه يُقلّل من تراكم الدهون – أي كمية الدهون التي تخزنها الخلايا الدهنية – من دون التأثير على كيفية تكوين الخلايا الدهنية الجديدة. أما مستخلص نواة الكاجو، فلم يؤثر على تكوين الخلايا الدهنية، ولكن من المثير للاهتمام أنه زاد بشكل ملحوظ من مستويات بروتين مفيد يُسمى أديبونيكتين.
يُحاول بروتين أديبونيكتين، الذي تُنتجه الخلايا الدهنية، الحفاظ على التوازن من خلال مساعدة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل أكثر فعالية، مما يُساعد على حرق الدهون للحصول على الطاقة، خاصةً أثناء ممارسة الرياضة أو الصيام، وله خصائص مضادة للالتهابات، مما يجعله بروتينًا حيويًا للصحة الأيضية.
قال الباحثون: “أظهرت هذه الأنشطة المتميزة أن جوز الكاجو، بالإضافة إلى أجزاء أخرى من نبات الكاجو، تحتوي على مكونات فعالة يمكن استخدامها كمورد قيم لمزيد من دراسات فحص المركبات الطبيعية، وتحسين إدارة المضاعفات الأيضية وتحسين الصحة العامة”. هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لاستغلال بقايا الكاجو في تطوير علاجات طبيعية للسمنة والاضطرابات الأيضية.