في خطوة حاسمة ضد الإرهاب، أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس حكمًا بالسجن المؤبد ضد الإرهابي مالك الذوادي، أحد عناصر تنظيم “داعش”، بعد إدانته بالشروع في القتل العمد عبر طعن عناصر أمنية. وأيّدت الدائرة الجنائية المتخصصة في قضايا الإرهاب الحكم الابتدائي، ليُغلق فصل جديد في ملف الإرهاب الدموي الذي طال تونس منذ سنوات.
الذوادي، الذي وُصف بأنه أحد أكثر العناصر دموية، كان ينتمي إلى خلية تابعة لـ”كتيبة أجناد الخلافة”، التي تُعرف بتبنيها هجمات تستهدف قوات الأمن، ولا يعد هذا الحكم الأول بحقه، إذ سبق أن صدر في حقه حكمان بالإعدام، أحدهما في قضية قتل ضابط أمن عام 2019، والآخر في محاولة قتل الرائد فوزي الهويملي، عندما باغته بالطعن وهو يردد: “الله أكبر”.
تونس وإرث الجماعات المتطرفة
منذ عام 2011، واجهت تونس تحديات أمنية متكررة من تنظيمات متطرفة مثل “أنصار الشريعة” المرتبط بالقاعدة، و”جند الخلافة” التابع لداعش. ورغم الضربات القوية التي تلقتها هذه الجماعات، فإن بقاياها ما تزال تنشط، خصوصًا في المناطق الجبلية مثل القصرين وجبال الشعانبي.
السلطات لا تهدأ: تفكيك خلايا وضربات استباقية
الناطق باسم الحرس الوطني، العميد حسام الدين الجبابلي، كشف أن الأجهزة الأمنية نفذت منذ 2011 أكثر من 365 عملية أمنية في إطار مكافحة الإرهاب، تم خلالها القضاء على 100 عنصر متطرف وإيقاف 324 آخرين.
السلطات تعتمد على مقاربات أمنية واستخباراتية دقيقة، بجانب حملات توعية دينية واجتماعية لمحاصرة الفكر المتشدد.
المعركة فكرية بقدر ما هي أمنية
يؤكد خبراء أمنيون أن الحل لا يقتصر على القبضة الأمنية، بل يتطلب كذلك مكافحة الجذور الفكرية للتطرف، من خلال إصلاح الخطاب الديني، وتوفير بدائل للشباب المهمّش، وتعزيز التنمية في المناطق الفقيرة، التي تشكل أرضًا خصبة لتجنيد الإرهابيين.
ورغم التقدم الكبير في تفكيك شبكات الإرهاب، إلا أن تونس تدرك أن الخطر لم يختفِ، بل تحوّل إلى تهديد مستتر يحتاج إلى يقظة دائمة، وتعاون إقليمي ودولي، لدرء شرّ العنف والتطرف عن مستقبل البلاد.