وصل رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني إلى مدينة أربيل على رأس وفد برلماني موسع، في محاولة جديدة لرأب الصدع المتزايد بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، لا سيما في ملف الرواتب والنفط والمنافذ الحدودية.
تأتي الزيارة في توقيت حساس، قبيل أيام من استئناف البرلمان جلساته بعد العطلة التشريعية، ما يعكس مدى استعجال بغداد في تطويق الأزمة المتفاقمة.
اتفاق “شبه مؤقت”.. والضغوط الداخلية والخارجية تحرّك المياه الراكدة
بحسب مصادر مطلعة، فقد توصلت وفود كردية في بغداد إلى اتفاق “شبه مؤقت” يقضي بإطلاق دفعات مالية تغطي رواتب شهرين لموظفي الإقليم، في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة. هذا الحل المؤقت جاء نتيجة ضغوط متراكمة من أطراف داخلية وإقليمية ودولية، لكنه لا يعالج جذور الخلافات العميقة، خصوصاً أن ملفات التهريب والنفط والسيطرة على المنافذ الحدودية ما زالت موضع شد وجذب.
في موازاة الأزمة المالية، تلوح أزمة سياسية من العيار الثقيل. فزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني بدأ يلوّح جدياً بخيار مقاطعة الانتخابات المقبلة، ما يهدد بشرعية العملية الانتخابية بالكامل، خاصة مع انسحاب التيار الصدري وائتلاف النصر وقوى مدنية أخرى. وإذا ما أُضيفت مقاطعة بارزاني إلى هذه الانسحابات، فإن المشهد الانتخابي سيكون على كفّ عفريت.
التهريب وسرقة النفط.. البرلمان يستعد لجلسة “حاسمة”
من الملفات الساخنة أيضاً والتي نُقلت إلى طاولة النقاش بين المشهداني وقيادات كردستان، قضية اتهامات شركة “سومو” لجهات داخل الإقليم بسرقة النفط وتهريبه، وهي التهم التي تنفيها حكومة أربيل بشدة. ومن المقرر أن يناقش البرلمان هذه القضية في أولى جلساته المقبلة، وسط أجواء مشحونة وتصعيد إعلامي بين الطرفين.
خلال لقائه مع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، شدد المشهداني على ضرورة إخراج ملف الرواتب من ساحة التجاذب السياسي. وأكد الجانبان أن موظفي الإقليم لا يجب أن يدفعوا ثمن الخلافات بين بغداد وأربيل، داعين إلى إيجاد حل عاجل ومستدام يعيد الاستقرار المالي للإقليم.
هل تنجح جولة المشهداني؟
الكرة الآن في ملعب بغداد وأربيل معاً. فإما أن تسفر هذه الجولة عن تفاهم حقيقي يضع الأزمة على طريق الحل الجذري، أو يستمر النزيف السياسي والاقتصادي، مهدداً ما تبقى من جسور الثقة بين المركز والإقليم، بل وربما وحدة العراق الدستورية نفسها، كما حذر مسؤولون كرد من تصاعد “المساس بالكيان الفيدرالي”.
وتمثل زيارة المشهداني إلى أربيل محاولة أخيرة لتفكيك عقدة الرواتب والنفط قبل انفجار أزمة أكبر قد تعصف بمستقبل الانتخابات، النجاح ليس مضموناً، لكن الفشل ستكون كلفته باهظة على الجميع.