في خطوة وصفت بالمفصلية، رحبت الأمم المتحدة بالانفتاح الإقليمي والدولي تجاه سوريا، معتبرة أنه يمثل فرصة حقيقية لدعم مسار الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي.
هذه التطورات تأتي في وقت حساس تشهده البلاد، بالتزامن مع أحداث أمنية متوترة كان أبرزها اقتحام مبنى محافظة السويداء واحتجاز المحافظ.
أهمية القرار وانعكاساته المحتملة
قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إن تحركات دول المنطقة تجاه سوريا “تحمل إمكانات كبيرة لتحسين الظروف المعيشية ودعم الانتقال السياسي”، كما أعربت الولايات المتحدة عن استعدادها لتشجيع الاستثمارات في الاقتصاد السوري المتعثر.
أما الاتحاد الأوروبي، فقد أعلن عن رفع العقوبات الاقتصادية، في قرار اعتبره الرئيس السوري أحمد الشرع “تاريخيًا”، مشددًا على أن الخطوة تمهد الطريق نحو استقرار طويل الأمد. الشرع دعا الشركات الأوروبية إلى الاستثمار في بلاده، مؤكدًا التزام دمشق بإصلاحات ديمقراطية وتنمية مستدامة.
مؤشرات على تغير المناخ السياسي
يرى مراقبون أن المواقف الجديدة تعكس تحوّلًا تدريجيًا في النظرة الإقليمية والدولية إلى سوريا، بعد أكثر من عقد من العزلة والصراع. ويُعد انعقاد مؤتمر المانحين في بروكسل بمشاركة أوروبية واسعة رسالة دعم قوية، فيما يشير اتصال الشرع برئيس المجلس الأوروبي إلى فتح قنوات دبلوماسية أكثر انفتاحًا.
في هذا السياق، دعا الشرع الاتحاد الأوروبي إلى موقف أكثر حزماً تجاه التدخلات الإسرائيلية، مؤكداً أهمية وقف الانتهاكات كشرط لتحقيق سلام حقيقي في المنطقة.
فرصة لاختبار النوايا
فيما يرى محللون أن هذا الانفتاح قد يفتح صفحة جديدة في الملف السوري، لكنه يظل رهين قدرة دمشق على ضمان الأمن الداخلي، وإجراء إصلاحات حقيقية تلبي طموحات الشعب السوري. كما أن الاستفادة من الدعم الدولي تتطلب بيئة مستقرة ومناخًا استثماريًا واضح المعالم.
السويداء تحت وطأة التوترات
ورغم المؤشرات الإيجابية على الصعيد السياسي، لا تزال بعض المناطق السورية، وعلى رأسها محافظة السويداء، تعاني من انفلات أمني وتوترات محلية، فقد اقتحم مسلحون مبنى المحافظة واحتجزوا المحافظ لفترة وجيزة لإطلاق سراح سجين، في حادثة كشفت هشاشة الأمن المحلي رغم الاتفاقات الأخيرة بين الحكومة ووجهاء المحافظة.
وصرح مدير العلاقات العامة بوزارة الإعلام، بأن الدولة “لن تتهاون” في مواجهة أي محاولات لزعزعة الأمن، مؤكدًا أن فرض القانون خيار لا رجعة عنه. الحادثة تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على فرض الاستقرار الأمني بالتوازي مع الانفتاح السياسي والاقتصادي.
ويحذر خبراء من أن تكرار حوادث مثل ما جرى في السويداء قد يقوّض الثقة الدولية في جدية دمشق بتحقيق تحول حقيقي، ما يستدعي مراجعة شاملة للسياسات الأمنية والحوكمة المحلية.
ملامح مستقبل سوريا
وتعيش سوريا اليوم على مفترق طرق. الانفتاح الإقليمي والدولي يبعث برسائل أمل، لكنه يتطلب تعزيز الاستقرار الداخلي كمقدمة لأي نهضة اقتصادية أو سياسية، وما بين الآمال المعلّقة على الاستثمارات وعمليات إعادة الإعمار، والمخاوف من انفجار أمني محتمل، تبقى العيون مفتوحة على ما ستؤول إليه المرحلة القادمة في البلاد.