انفجرت مركبة فضائية تابعة لشركة “سبيس إكس” خلال اختبار أرضي في منشأة الشركة بولاية تكساس، ما شكّل ضربة جديدة لخطط الملياردير إيلون ماسك، وللشراكة التقنية الطموحة مع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” ضمن برنامج العودة إلى القمر.
وقع الانفجار عند الساعة 11:01 مساءً بالتوقيت المحلي في موقع “ماسي” للاختبارات، بالقرب من بلدة بوكا تشيكا جنوب تكساس. وبحسب شهود ومقاطع مصورة، غطّت كرة نارية ضخمة سماء الموقع بعد اشتعال الجزء العلوي من المركبة الصاروخية “ستارشيب”، الذي كان يخضع لتجربة على الأرض تمهيدًا لاختبارات مستقبلية مرتبطة بعودته من المدار إلى الأرض.
وبينما لم يكن الانفجار يشمل الصاروخ كاملاً، فإن الحادثة طالت القسم المصمم للعودة عبر الغلاف الجوي، ما يسلّط الضوء على نقاط الضعف المستمرة في سلسلة التصميم والاختبار التي تبني عليها “سبيس إكس” مشروعها الفضائي الأضخم حتى الآن. وبرغم تعقيد المهام الموكلة إلى “ستارشيب”، لا سيما في إطار برنامج “أرتميس” التابع لناسا، فإن هذا الحادث يضع المزيد من التساؤلات حول الجدول الزمني والموثوقية التقنية للمشروع.
شركة “سبيس إكس” أكدت في بيان مقتضب أنه لم تُسجّل أي إصابات بشرية جراء الحادث، مشيرة إلى أن فرقها باشرت التحقيق في الأسباب الفنية التي أدت إلى الانفجار. ورغم أن موقع “ماسي” تعرض على الأرجح لأضرار مادية معتبرة، إلا أن بعده النسبي عن منصات الإطلاق الرئيسية، التي تبقى البنية التحتية الأغلى والأكثر حساسية، خفف من وقع الحادث ماديًا على الأقل.
لكن الأثر الرمزي والتقني لا يمكن التقليل من شأنه. فصاروخ “ستارشيب” يمثل حجر الأساس في رؤية إيلون ماسك لنقل البشر إلى القمر والمريخ، كما يشكل جزءًا من خطة “ناسا” لإعادة الإنسان إلى سطح القمر في إطار مهمة “أرتميس 3” المقررة مبدئيًا لعام 2026. وتُعوّل الوكالة الأميركية على نجاح “سبيس إكس” في تطوير مركبة يمكنها نقل رواد الفضاء من المدار القمري إلى سطحه، وهي مهمة تتطلب دقة هائلة في جميع مراحل الإقلاع والهبوط.
الانفجار الأخير يأتي في وقت تسعى فيه “سبيس إكس” لإثبات قدرتها على التعامل مع صعوبات العودة من المدار، وهي من أعقد مراحل الطيران الفضائي، لا سيما مع المركبات الثقيلة بحجم “ستارشيب”. وبينما اعتادت الشركة على فلسفة “التعلم من الفشل”، حيث يتم اختبار النماذج الأولية دون الخشية من الأعطال، فإن الضغط يزداد كلما اقتربت المواعيد المفترضة لتنفيذ المهام الفضائية الحقيقية.
ويشير مراقبون إلى أن الحادث لن يؤدي بالضرورة إلى تجميد البرنامج، لكنه سيؤدي حتمًا إلى مراجعة داخلية عميقة، وربما تأخير في اختبار الإطلاق المقبل، الذي كان يُنتظر أن يكون خطوة مفصلية نحو اعتماد “ستارشيب” كمركبة مأهولة مستقبلية.
في النهاية، يبرز هذا الحادث كحلقة جديدة في سلسلة التجارب المعقدة التي ترافق مشاريع استكشاف الفضاء، والتي تبقى محفوفة بالمخاطر العالية والتكاليف الباهظة. لكنه أيضًا تذكير بأن السباق نحو الفضاء، رغم تقدمه السريع، لا يزال يسير فوق أرض غير مستقرة، وأن الطموح وحده لا يكفي دون ترويض التكنولوجيا الجامحة.