كشفت طهران، عن واحدة من أخطر الضربات التي تعرّض لها قلب النظام السياسي والعسكري الإيراني، بعدما أعلنت عن إصابة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بجروح طفيفة في ساقه، نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سرياً للمجلس الأعلى للأمن القومي غرب العاصمة، كان يشهد اجتماعاً مغلقاً بحضور رؤساء السلطات الثلاث وقادة كبار في الجيش و«الحرس الثوري».
وبينما نجا كبار المسؤولين من الموت، تفجّرت أزمة داخلية حول كيفية وصول معلومات الاجتماع إلى إسرائيل، وسط مؤشرات على اختراق أمني محتمل في أعلى هرم السلطة.
إصابة بزشكيان والتحقيق في “الثغرة”
أعلنت وكالة «فارس» شبه الرسمية، والتابعة لـ«الحرس الثوري»، أن بزشكيان تعرّض للإصابة أثناء محاولته مغادرة المبنى بعد الضربة، التي وصفتها بـ«الدقيقة والمنسقة»، وأكدت أن الرئيس كان هدفاً مباشراً للهجوم.
وأضافت الوكالة أن الغارة استخدمت 6 صواريخ أو قذائف، نُفذت على مراحل بهدف شلّ المبنى بالكامل، وتعطيل منافذ الهروب، والتهوية، في تكتيك مشابه لما يقال إنه استخدم في محاولة اغتيال سابقة للأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، في بيروت.
وقد تم نقل بزشكيان إلى مركز طبي سري لتلقي العلاج، في حين فتحت الأجهزة الأمنية تحقيقاً شاملاً في كيفية تسريب تفاصيل الاجتماع، مع التركيز على احتمالية وجود “اختراق بشري” داخل الدائرة المحيطة بالرئيس، أو “تسريب رقمي” عبر وسائل المراقبة والتنصت.
هل اخترقت إسرائيل المنظومة الأمنية الإيرانية؟
تثير هذه العملية تساؤلات كبرى حول قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على التغلغل داخل المؤسسات الإيرانية الحساسة، خصوصاً وأن الاجتماع كان محاطاً بسرية قصوى، وعُقد في موقع غير معلن سلفاً.
ويذهب محللون في طهران إلى أن العملية تحمل بصمات «موساد»، وتشير إلى أن إسرائيل لم تكتفِ باستهداف البنية التحتية النووية والعسكرية لإيران، بل أصبحت تضرب قلب القرار الأمني والسياسي.
وقال مصدر مطلع لوكالة “شرق نيوز” الإيرانية إن السلطات تدرس سيناريوهات عدة، من بينها استخدام طائرات استطلاع دقيقة، أو تعاون محلي من داخل المؤسسات الرسمية.
صدمة في طهران.. ورسائل ما بعد القصف
أثارت الغارة حالة من الصدمة في الشارع الإيراني والنخب السياسية، حيث اعتُبرت ضربة بالغة الرمزية، كونها طالت المجلس الأعلى للأمن القومي، الهيئة التي تُشرف على السياسات الدفاعية والخارجية في البلاد.
وقال مسؤول سابق في جهاز الأمن القومي الإيراني: «ما حدث ليس مجرد ضربة عسكرية، بل رسالة بأن إسرائيل تعرف تفاصيلنا وتحركاتنا لحظة بلحظة… هذا تحول خطير».
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي الإيرانية مقاطع مصورة للدخان المتصاعد من المبنى المستهدف، وسط حالة من الترقب والخوف من تكرار مثل هذه الضربات مستقبلاً.
من المستفيد من تسريب الموقع؟
تشير التقديرات إلى أن التسريب لم يكن عشوائياً، بل تم بناء على خطة محكمة، مما يفتح الباب أمام فرضية التورط الداخلي، وقد تم توقيف عدد من الموظفين الأمنيين والإداريين لاستجوابهم، وسط تعتيم إعلامي رسمي على نتائج التحقيق حتى الآن.
ولا تُستبعد فرضية “الصراع بين الأجنحة”، لا سيما في ظل وجود توتر بين المحافظين والإصلاحيين بعد فوز بزشكيان في الانتخابات الأخيرة، إذ يرى البعض أن هناك أطرافاً داخل النظام تسعى لإضعاف الرئيس الجديد.
هل الحرب الإلكترونية دخلت مرحلة جديدة؟
يذهب محللون في الغرب إلى أن هذه العملية تمثّل ذروة جديدة في «الحرب الرمادية» بين إسرائيل وإيران، حيث تزاوجت المعلومات الاستخبارية مع التكنولوجيا المتطورة، ما يشير إلى دخول النزاع الإقليمي في طور أكثر تعقيداً.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مصادر استخباراتية غربية أن “التعاون الاستخباري الإقليمي” لعب دوراً مهماً في هذه الضربة، دون الإشارة إلى تفاصيل إضافية.
إيران تتوعد بالرد… ولكن كيف ومتى؟
حتى الآن، لم تعلن طهران عن رد رسمي مباشر على الغارة، مكتفية بالتنديد بها وفتح تحقيق داخلي. لكن المتحدث باسم الحكومة قال إن «إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً»، في تكرار لعبارات توعد باتت مألوفة دون إجراءات عملية ملموسة.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل سترد إيران برد عسكري مباشر؟ أم ستكتفي بمعركة استخباراتية مضادة؟.