أعلن الرئيس السوري المؤقت أحمد الشراع عن تشكيل حكومة جديدة مساء السبت، مجددًا التزامه بـ”بناء دولة قوية ومستقرة”.
وسيحتفظ كل من وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قسرة بمنصبيهما في الحكومة الجديدة.
كما تم تعيين أنس خطاب، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، وزيرًا للداخلية، فيما تم تسمية محمد يسر برنيه وزيرًا للمالية.
كما تم تعيين الناشطة المعارضة المخضرمة هند كبوات وزيرةً للشؤون الاجتماعية والعمل، لتصبح أول امرأة يتم تعيينها في حكومة الشراع، الذي ينتمي إلى تيار إسلامي.
وتُعد كبوات، وهي من الأقلية المسيحية في سوريا ومن معارضي بشار الأسد منذ فترة طويلة، عضوًا في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في فبراير.
وكانت الشؤون اليومية في سوريا تُدار من قبل فريق وزاري منذ الإطاحة بالأسد على يد فصائل إسلامية متمردة في الثامن من ديسمبر.
تحديات الحكومة السورية الجديدة
مع تشكيل حكومة سورية جديدة، تتجه الأنظار إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتعقيدات سياسية محلية ودولية. فبعد أكثر من عقد من الحرب والصراعات، تجد الحكومة نفسها أمام مشهد سياسي متشابك واقتصاد يرزح تحت وطأة العقوبات والتضخم وانهيار العملة الوطنية.
الأزمة الاقتصادية والتضخم
تعد الأزمة الاقتصادية من أكبر التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة، حيث تعاني سوريا من انهيار قيمة الليرة، وارتفاع معدلات التضخم، وشح الموارد الأساسية كالوقود والمواد الغذائية. كما أن العقوبات الغربية المفروضة بموجب قانون قيصر تزيد من تعقيد قدرة الحكومة على استيراد المواد الضرورية أو إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة.
تحتاج الحكومة إلى وضع خطط اقتصادية فعالة للخروج من هذه الأزمة، مثل تعزيز الإنتاج المحلي، وتحفيز الاستثمارات، وإيجاد حلول لتجاوز العقوبات عبر الشراكات مع الدول الصديقة كروسيا وإيران. لكن هذه الحلول تصطدم بعوائق مثل الفساد المستشري وضعف الإدارة.
المشهد السياسي والانقسام الداخلي
رغم السيطرة العسكرية للحكومة السورية على معظم الأراضي، إلا أن المشهد السياسي لا يزال معقدًا، حيث تستمر الانقسامات الداخلية بين القوى السياسية، فضلًا عن الضغوط الدولية بشأن العملية السياسية والانتقال الديمقراطي. المعارضة في الخارج تواصل مطالبتها بالإصلاحات السياسية، بينما تطالب الدول الغربية بإجراءات حقيقية نحو حل سياسي وفقًا لقرارات الأمم المتحدة.
من التحديات أيضًا كيفية التعامل مع المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، مثل مناطق النفوذ التركي في الشمال الغربي، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، والتي تتمتع بدعم أمريكي. هذه الملفات تتطلب حلولًا تفاوضية دقيقة لضمان استقرار البلاد.
إعادة الإعمار والملف الإنساني
ملف إعادة الإعمار يمثل تحديًا رئيسيًا للحكومة، خاصة في ظل محدودية الموارد المالية والعزلة الاقتصادية. المدن السورية بحاجة إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء البنية التحتية والمرافق الحيوية، ولكن معظم الدول المانحة تربط تقديم الدعم بتحقيق تقدم سياسي ملموس، وهو ما يضع الحكومة أمام معضلة صعبة.
أما على الصعيد الإنساني، فإن الملايين من السوريين يعانون من الفقر ونقص الخدمات، مما يتطلب استراتيجيات فاعلة لتحسين ظروف المعيشة، وضمان وصول المساعدات الدولية إلى المحتاجين، وسط استمرار النزوح الداخلي ووجود مخيمات اللاجئين داخل وخارج البلاد.
العلاقات الدولية والتوازنات الإقليمية
تحاول الحكومة السورية إعادة بناء علاقاتها الدبلوماسية تدريجيًا، حيث شهدت الفترة الأخيرة تحسنًا في العلاقات مع بعض الدول العربية، مثل السعودية والإمارات، بعد سنوات من القطيعة. ومع ذلك، لا تزال سوريا تواجه تحديات في علاقاتها مع الغرب، الذي يربط أي تطبيع بحدوث تغيير سياسي داخلي.
كما أن النفوذ الروسي والإيراني في سوريا يشكل عاملًا أساسيًا في تحديد مسار السياسات الداخلية والخارجية، مما يفرض على الحكومة السورية تحديًا في تحقيق توازن بين مصالح حلفائها ومتطلبات الحلول السياسية التي تطالب بها الأطراف الدولية الأخرى.
إن الحكومة السورية الجديدة أمام اختبار صعب في مواجهة هذه التحديات، فإما أن تتمكن من تحقيق تقدم ولو جزئيًا في ملفات الاقتصاد والسياسة وإعادة الإعمار، وإما أن تستمر في حالة الجمود التي قد تزيد من معاناة المواطنين وتعزز حالة عدم الاستقرار. النجاح في تجاوز هذه العقبات يعتمد على قدرة الحكومة على تبني سياسات أكثر انفتاحًا، وإيجاد حلول مبتكرة، والتعامل بمرونة مع المعطيات الدولية والإقليمية.