في خطوة استراتيجية جديدة، وقّعت شركة اتصالات المغرب شراكة تمويلية طويلة الأجل مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، تقضي بمنح قرضين إجماليين بقيمة 370 مليون يورو، بهدف تطوير خدمات الاتصالات وجودة الإنترنت النقال في فرعيها بتشاد ومالي.
ويأتي ذلك في إطار دعم توسيع انتشار شبكات الجيل الرابع “4G”، بما سيوفر وصولًا أسرع وأكثر موثوقية إلى الإنترنت لعدد أكبر من السكان والمشروعات التجارية في البلدين.
محمد بنشعبون: التزامنا بتعزيز جودة الاتصالات وخدمة الشباب
أوضح محمد بنشعبون، المدير العام لاتصالات المغرب، أن هذه الخطوة تتماشى مع استراتيجية المجموعة القائمة على تعزيز خدمات الاتصالات في القارة الأفريقية جنوب الصحراء، وتلبية متطلبات فئة الشباب التي تتزايد بوتيرة سريعة.
وأكد أن المجموعة التي تخدم أكثر من 57 مليون عميل خارج المغرب، تسعى إلى تحسين البنية التحتية وتطوير خدمات النقال والثابت وخدمات البيانات لمواكبة هذا النمو المتسارع.
التمويل الدولي لدعم الاستقرار والتنمية الاقتصادية
من جهته، أشار مختار ديوب، المدير المنتدب لمؤسسة التمويل الدولية، إلى أن دعم مؤسسته للاستثمارات العابرة للحدود يمثل أولوية استراتيجية، خاصة في الدول الهشة والمتأثرة بالنزاعات. وأضاف أن استقطاب رأس المال الخاص من خلال هذه المشروعات من شأنه أن يعزز الابتكار، ويوفر فرص عمل واسعة النطاق، ويدعم استقرار القارة الأفريقية على المدى الطويل.
شراكة استراتيجية لخدمة أكثر من 79 مليون عميل
تأسست شركة اتصالات المغرب عام 1998، وتعود ملكية 53% من أسهمها لمجموعة اتصالات الإماراتية، و22% للمغرب، بينما يتم تداول النسبة المتبقية في بورصتي الدار البيضاء وباريس.
وتعمل الشركة تحت علامة موحدة باسم “Moov Africa” لخدمة أكثر من 79 مليون عميل، من بينهم 57 مليونًا خارج حدود المملكة.
هل ينجح المغرب في التوسع الرقمي بأفريقيا؟
يؤكد خبراء أن المغرب يتمتع بإمكانات كبيرة تساعده على التوسع الرقمي، أبرزها بنية تحتية قوية ومبادرات رسمية داعمة. وتشير الإحصائيات إلى أن معدل انتشار الإنترنت بالمغرب تجاوز 90% مطلع 2024، بالتوازي مع إطلاق الحكومة لاستراتيجيات وطنية مثل “المغرب الرقمي 2030”، ما عزّز الخدمات الحكومية الإلكترونية وأسس شراكات دولية بارزة مع شركات عالمية مثل AWS وOrange لتوسيع الحوسبة السحابية بالمنطقة.
واستفاد المغرب من استضافة مؤتمرات أمن سيبراني إفريقية وانضم إلى شراكات دولية كبرى في مجالات الذكاء الاصطناعي. وفي المشهد الريادي، حققت شركات ناشئة مغربية مثل «Chari» و«Tingis Web» خطوات واسعة بالأسواق الأفريقية، ما يفتح الباب أمام نمو كبير للصادرات الرقمية المغربية.
تحديات: أطر تنظيمية وفجوة شمول رقمي
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، يشير خبراء إلى تحديات كبيرة أمام التوسع المغربي الرقمي، أبرزها غياب أطر قانونية شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي وحماية البيانات، إضافة إلى التباين بين المناطق الحضرية والريفية، وبين الشرائح المجتمعية، ما يتطلب استثمارًا مستمرًا في التعليم الرقمي والبنية التحتية القاعدية.
منافسة إقليمية ومفتاح النجاح
لا يغيب عن المشهد المنافسة الشرسة من شركات إقليمية ودولية على أسواق غرب ووسط إفريقيا. لذا، يرى الخبراء أن على المغرب تسريع وتيرة تنفيذ خططه الاستراتيجية، وتذليل العراقيل الإدارية أمام شركاته الناشئة، وتعزيز قدراته الابتكارية، حتى يتمكن من ترسيخ موقعه كمحور رقمي إفريقي متميز.
ويبقى الطريق واعدًا أمام المغرب لاقتناص الفرص، شريطة مواصلة الإصلاح الرقمي الجاد، وتمكين المواهب الشابة، وتوسيع قاعدة الشراكات الدولية، بما يمنحه القدرة على التنافس وتحقيق أهدافه الاستراتيجية في إفريقيا.