بعد عامين من القتال العنيف، تستعيد العاصمة السودانية الخرطوم عافيتها شيئًا فشيئًا، بعدما بسط الجيش السوداني سيطرته على معظم أحيائها، ودفع بقوات الدعم السريع إلى خارج المدينة، فعادت الأسواق تدريجيًا إلى العمل، كما هو الحال في سوق الكلاكلة بجبل أولياء، حيث تعكس حركة البيع وصوت الباعة مظاهر الحياة التي كانت غائبة عن المدينة.
أم درمان.. عودة قوية ومبكرة
رغم استمرار انقطاع الكهرباء، عادت الأفران للعمل بالطاقة الشمسية، وبدأت خطوط النقل تنتعش من جنوب الخرطوم نحو أم درمان وشرق النيل، مما يدل على تحول حقيقي نحو الاستقرار.
أم درمان، كبرى مدن العاصمة، أظهرت مقاومة مبكرة لقوات الدعم السريع، الأمر الذي سمح للجيش بإحكام السيطرة عليها منذ شهور. أعادت المدينة فتح المستشفيات، وعادت الجامعات لتستقبل طلابها، كما شهدت الأسواق التجارية حراكًا نشطًا، خاصة في سوق أم درمان وسوق صابرين.
يقول أحد التجار: “بدأنا من الصفر. خسرنا كل شيء، لكننا مصممون على العودة”، مشيرًا إلى حالة من التفاؤل رغم ركود الاقتصاد.
“بحري” تنهض من تحت الركام
الخرطوم بحري التي شهدت دمارًا واسعًا في البنية التحتية، بدأت هي الأخرى بالتعافي.، فأحيائها الشمالية مثل الدروشاب والحلفايا عادت إليها الحياة، وبدأت المصانع والخدمات الصحية تستعيد نشاطها تدريجيًا. ورغم بطء الحركة التجارية، فإن خطوط النقل بينها وبين أم درمان نشطة، ما يبشّر بعودة تدريجية للأنشطة الحيوية.
ماذا تبقى من الدعم السريع؟
في الوقت الذي يبسط فيه الجيش السوداني سيطرته على العاصمة والمدن الحيوية، تراجعت قوة الدعم السريع بشكل ملحوظ، فبعد انسحابها من الخرطوم، تحصنت فلولها في مناطق ريفية وصحراوية، خاصة في إقليم دارفور وبعض جيوب كردفان.
ووفق مصادر عسكرية، فإن الجيش يواصل عملياته التمشيطية في أطراف العاصمة وعلى الحدود الغربية، في محاولة لإنهاء تهديد المليشيا بشكل كامل. كما أشارت تقارير إلى انشقاقات داخل الدعم السريع، وانخفاض معنويات عناصرها بعد خسائر متوالية.
هل انتهى صداع حميدتي؟
رغم هذا التراجع، يرى مراقبون أن “الصداع” لم ينتهِ كليًا، فالميليشيا لا تزال تحتفظ بوجود في مناطق نائية، وتستند إلى علاقات قبلية وتحالفات إقليمية قد تعيق حسم المواجهة عسكريًا بشكل نهائي.
لكن مع استعادة الجيش للخرطوم، وتقلص المساحات التي يسيطر عليها الدعم السريع، فإن قدرة المليشيا على شن هجمات واسعة أصبحت ضعيفة، مما يعني أن خطرها بدأ يتضاءل.
نحو نهاية الحرب؟
العودة التدريجية للحياة في الخرطوم تعزز الآمال بقرب نهاية الحرب، لكن خبراء يحذرون من أن السلام المستدام يتطلب أكثر من انتصار عسكري. فالمصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار، وإصلاح المؤسسة الأمنية، خطوات حاسمة لضمان عدم تكرار الأزمة.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال: هل تنجح الخرطوم في طي صفحة الحرب، أم أن “الدعم السريع” سيطل مجددًا من رماد الهزيمة؟