في مشهد غير مألوف منذ أكثر من عقد، وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك إلى العاصمة السورية دمشق صباح الخميس، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ اندلاع النزاع السوري في مارس 2011، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
الزيارة تأتي في إطار الانفراج التدريجي للعلاقات بين البلدين، بعد الإعلان الأميركي عن رفع العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على دمشق خلال فترة حكم الرئيس السابق بشار الأسد، الذي أُطيح به في ديسمبر الماضي.
إشارة رمزية: رفع العلم الأميركي في قلب دمشق
شارك برّاك إلى جانب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في افتتاح دار سكن السفير الأميركي في حي أبو رمانة بدمشق، على بُعد مئات الأمتار فقط من مبنى السفارة الأميركية المغلقة منذ سنوات.
وشوهد العلم الأميركي مرفوعاً رسمياً داخل حرم مقر إقامة السفير، وسط إجراءات أمنية مشددة، في مشهد اعتبره مراقبون مؤشراً على عودة الوجود الأميركي الدبلوماسي التدريجي إلى سوريا.
برّاك… من أنقرة إلى دمشق بقرار رئاسي
جاءت الزيارة بعد تعيين رسمي من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوماس برّاك كمبعوث خاص إلى سوريا، وهو الذي كان يشغل سابقاً منصب السفير الأميركي لدى تركيا.
وقال ترمب عبر منشور رسمي على منصة “إكس”: “يدرك توم أن هناك فرصاً حقيقية للعمل مع سوريا لوقف التطرف وتحقيق السلام… معاً، سنجعل العالم أكثر أمناً”.
لقاءات رفيعة وتنسيق سياسي ناشئ
زيارة برّاك جاءت بعد لقاء سابق جمع الرئيس الأميركي ترمب بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في الرياض يوم 14 مايو الجاري، وهو اللقاء الذي شهد الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق.
كما التقى برّاك بالرئيس الشرع ووزير الخارجية الشيباني في إسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع، ضمن ما وصفته الرئاسة السورية بأنه “جهود الحكومة الجديدة لإعادة بناء العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن”.
ماضٍ مضطرب.. ومستقبل غامض
تُذكر الزيارة بتوترات الماضي، حين زار السفير الأميركي الأسبق روبرت فورد مدينة حماة في يوليو 2011، ما أدى إلى توتر كبير مع السلطات السورية آنذاك، وتم تصنيفه لاحقاً “شخصاً غير مرغوب فيه”.
ومع بداية الحرب، انقطعت العلاقات الدبلوماسية بالكامل، وأغلقت السفارة الأميركية في دمشق، وفرضت واشنطن حزمة عقوبات صارمة طالت قيادات بارزة في النظام السوري السابق.
بعد سقوط الأسد.. هل تنجح المصالحة؟
منذ الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي، اتخذت العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة منحى جديداً، تجلى بزيارة وفود دبلوماسية متتالية، آخرها وفد برئاسة باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، إلى دمشق.
ويرى مراقبون أن زيارة برّاك تمثل خطوة أولى نحو إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، غير أن الطريق لا يزال طويلاً، وسط تحديات تتعلق بإعادة الإعمار، وضمان الاستقرار السياسي، وموقف واشنطن من رموز النظام السابق.