في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة، شدد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، على ضرورة تعزيز جاهزية القوات المسلحة العراقية، مشيرًا إلى أهمية رفع قدراتها في مواجهة التهديدات الإرهابية التي لا تزال قائمة. جاء ذلك خلال لقائه في قصر بغداد مع رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق أول ركن كريم عبود التميمي، حيث ناقشا آخر المستجدات الأمنية في البلاد، والدور الحيوي للجهاز في ترسيخ الاستقرار الداخلي.
الرئيس رشيد، الذي أثنى على جهود وتضحيات عناصر الجهاز، أكد أن العراق لا يزال بحاجة إلى تطوير قدراته العسكرية، خاصة في ظل استمرار التحديات المرتبطة ببؤر الإرهاب والخلايا النائمة، داعيًا إلى اعتماد الأبحاث والدراسات الحديثة في تطوير منظومة مكافحة الإرهاب، ولا سيما في ما يتعلق بمكافحة الفكر المتطرف، كجزء أساسي من الحرب غير التقليدية التي تواجهها البلاد.
وأعرب رشيد عن تقديره للدور الكبير الذي يؤديه جهاز مكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أنه لا يمكن ضمان أمن العراقيين دون جهاز يتمتع بالكفاءة والمرونة التقنية والمعرفية، وهو ما يفرض العمل على رفع مستوى التدريب والتجهيز بما يواكب طبيعة التهديدات المستجدة.
وفي سياق متصل، نقل مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، صورة أكثر شمولًا عن الوضع الأمني العراقي، مشيرًا إلى تحسن في مؤشرات الاستقرار والقدرة على التكيف والتعامل مع التحديات الأمنية المتغيرة. جاء ذلك خلال مشاركته في الاجتماع الدولي الثالث عشر لكبار مسؤولي الأمن، المنعقد في العاصمة الروسية موسكو، حيث مثّل العراق في مناقشة القضايا الأمنية الدولية والإقليمية.
الأعرجي أكد أن العراق بات يؤمن بأن الحوار هو الوسيلة الأنجع لمعالجة الخلافات، لكنه في الوقت ذاته لم ينف استمرار التهديدات، لا سيما في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى شرق أوروبا، حيث تتفاقم التوترات الجيوسياسية وتنعكس على الأمن الإقليمي والدولي.
وسلط الأعرجي الضوء على التحديات الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، التي اعتبرها أحد أبرز الملفات المؤثرة في استقرار المنطقة، مشيرًا إلى أن العراق ينظر بقلق إلى تعقيد الأوضاع الإغاثية هناك نتيجة النقص الحاد في المواد الأساسية وصعوبة إيصالها بطرق آمنة ومستدامة، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وفي خضم هذه التحديات، يبرز التوجه العراقي نحو بناء شراكات أمنية فاعلة قائمة على تبادل الخبرات وتطوير القدرات الذاتية، مع الحفاظ على خطاب متوازن يسعى إلى تهدئة الأزمات بدلًا من تأجيجها. ومن الواضح أن بغداد تدرك أن مرحلة ما بعد داعش لا تقل خطورة عن تلك التي شهدت صعوده، حيث لا تزال البلاد في قلب صراع إقليمي ودولي معقّد تتقاطع فيه المصالح الكبرى والنزاعات المفتوحة.
ومع التحولات المستمرة في المشهد الأمني، يظل رهان العراق على بناء منظومة دفاعية فعالة، لا تنفصل عن الأبعاد السياسية والدبلوماسية، شرطًا أساسيًا لضمان استقراره واستمرار تجربته الديمقراطية في منطقة تعاني من اضطراب مزمن.