تشهد العاصمة بغداد وحكومة إقليم كردستان حراكًا متسارعًا نحو إنهاء أزمة رواتب موظفي الإقليم، في ظل مؤشرات قوية على قرب التوصّل إلى اتفاق نهائي يُعرض اليوم على طاولة مجلس الوزراء العراقي، وسط تفاؤل سياسي بتحقيق انفراجة طال انتظارها.
مشاورات رفيعة المستوى قبيل اجتماع الحكومة
في إطار الجهود المبذولة لحلحلة الملفات العالقة، عقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اجتماعًا موسّعًا مع رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، أمس الإثنين، ناقشا خلاله بشكل مفصل ملف تمويل رواتب موظفي الإقليم وسبل التوصل إلى حلول دائمة في إطار الدستور والقوانين النافذة.
وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، شدد اللقاء على أهمية “توحيد الخطاب الوطني وتغليب المصلحة العليا للدولة العراقية”، إلى جانب التأكيد على مراعاة حقوق ومصالح جميع المواطنين، بمن فيهم موظفو الإقليم.
زيارة نيابية إلى أربيل تسرّع خطوات الحل
ويأتي هذا الاجتماع بعد 48 ساعة من زيارة رئيس مجلس النواب الدكتور محمود المشهداني إلى مدينة أربيل، حيث أجرى محادثات مع قيادات الإقليم تناولت أبرز القضايا الخلافية، وعلى رأسها ملف الرواتب وتصدير النفط.
ووفق مصادر برلمانية، فإن المحادثات أسفرت عن اتفاقات أولية يُنتظر أن تُعرض رسمياً خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم، في خطوة تعكس وجود إرادة سياسية مشتركة لتجاوز العقبات.
تفاصيل الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل
من جهتها، كشفت لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في مجلس النواب عن أبرز ما تم التوافق عليه ضمن الاتفاق النفطي بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.
وقال النائب صباح صبحي، عضو اللجنة، في تصريح لـ”الصباح”، إن الاتفاق المبدئي يتضمن تسليم إقليم كردستان 300 ألف برميل نفط يوميًا إلى شركة تسويق النفط الوطنية “سومو”، مقابل حصوله على 46 ألف برميل يوميًا لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي والتكرير.
وأشار صبحي إلى أن التفاهمات بين الطرفين بلغت مراحلها الأخيرة، موضحًا أن الإعلان الرسمي عن الاتفاق قد يتم خلال الساعات القليلة القادمة، على أن يُعرض لاحقًا في جلسة الحكومة المرتقبة اليوم الثلاثاء.
خطوة نحو الاستقرار المالي للإقليم
ويرى مراقبون أن نجاح الاتفاق المرتقب سيُسهم بشكل مباشر في معالجة واحدة من أكثر الأزمات المالية تعقيدًا بين بغداد وأربيل، والتي أثّرت سلبًا على استقرار موظفي الإقليم وأثارت احتجاجات شعبية متكررة.
كما يُعدّ الاتفاق جزءًا من تسوية شاملة تشمل تنظيم العلاقة النفطية والمالية بين المركز والإقليم، بما يُعزز مبدأ تقاسم الموارد ويرسي قواعد أكثر وضوحًا للحوكمة المالية والشفافية.
الرهان على التنفيذ
وبينما تتجه الأنظار إلى مجلس الوزراء العراقي اليوم، تظل مسألة تنفيذ الاتفاق وضمان استمراريته هي التحدي الأكبر، في ظل تجارب سابقة شهدت تفاهمات لم يُكتب لها الاستمرار بسبب تغير الظروف السياسية أو عدم الالتزام الفني من أحد الطرفين.
لكن هذه المرة، يبدو أن هناك زخمًا سياسيًا حقيقيًا مدفوعًا بحاجة داخلية ملحة لإعادة بناء الثقة بين بغداد وأربيل، وتقديم حلول ملموسة للمواطنين في كلا الجانبين.