أثارت زيارة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى الولايات المتحدة سلسلة من الأحداث العنيفة والاحتجاجات الغاضبة، عكست حجم الغضب الشعبي والحقوقي تجاه مواقفه المتطرفة وسجله العدائي تجاه الشعب الفلسطيني. شرطة نيويورك فتحت تحقيقًا رسميًا بعد وقوع صدامات عنيفة بين مؤيدين للفلسطينيين وآخرين مؤيدين لإسرائيل أثناء الزيارة، تخللها اعتداءات على امرأتين مناهضتين لزيارة بن غفير، وسط هتافات عنصرية وتحريضية تم توثيقها في تقارير وسائل الإعلام.
سياسات العنف
بن غفير يُعد واحدًا من أكثر الشخصيات الإسرائيلية تطرفًا، وهو زعيم حزب “القوة اليهودية”، المعروف بمواقفه المتشددة والداعية صراحة لسياسات الإقصاء والتهجير بحق الفلسطينيين. منذ توليه مهامه كوزير للأمن القومي نهاية عام 2022، تصاعدت سياسات العنف والتمييز داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يشمل دعم الاعتداءات على المدنيين الفلسطينيين، والتحريض على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، والدعوة إلى إعادة احتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات جديدة فيه.
موقف بن غفير من القضية الفلسطينية يتميز بالعداء المطلق لأي مسعى للسلام أو التعايش. فهو يعارض بشكل قاطع حل الدولتين، ويرفض أي نوع من التفاهمات التي تمنح الفلسطينيين حقوقًا قومية أو سياسية. وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل ارتكاب جرائم بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 — والتي خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح وأعداداً كبيرة من المفقودين — أبدى بن غفير مواقف أكثر تطرفًا، داعيًا إلى زيادة الحصار وتجويع سكان غزة، وإلى رفض صفقات تبادل الأسرى التي قد تخفف من معاناة المدنيين.
خلال زيارته الأخيرة، لم يلتقِ بن غفير بأي مسؤول أميركي رسمي، في مؤشر واضح على عزلة سياسية فرضتها الإدارة الأميركية الحالية التي ترى في مواقفه تهديدًا لمساعي السلام في المنطقة. وصوله إلى الولايات المتحدة قوبل كذلك بانتقادات حادة من إسرائيليين أنفسهم، ظهروا في مقاطع مصورة يهاجمونه بسبب موقفه الرافض لأي حلول دبلوماسية في غزة، الأمر الذي زاد من حدة التوتر خلال الزيارة.
التمييز العنصري ضد الفلسطينيين
تصاعد الأحداث حول زيارة بن غفير يعكس في جوهره رفضًا عارمًا لرمزية الرجل الذي يجسد في نظر الكثيرين سياسات الإبادة الجماعية والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين. الاعتداءات التي طالت المحتجات في نيويورك، والهتافات العنصرية التي أُطلقت، كشفت عن مدى تأجيج الخطاب العنصري الذي يحمله معه بن غفير حتى خارج حدود إسرائيل.
ما جرى يؤكد أن وجود بن غفير في أي ساحة سياسية أو مجتمعية لا يثير إلا الانقسام والعنف، بسبب عقيدته المبنية على الكراهية والإقصاء، وممارساته التي كرست الظلم والمعاناة بحق ملايين الفلسطينيين.