تتحول بيروت هذا الأسبوع إلى نقطة جذب دبلوماسية، مع توافد مسؤولين من اتجاهات متعددة في توقيت حساس. ففي ظل مشهد إقليمي متشابك، تتقاطع في العاصمة اللبنانية ملفات معقدة أبرزها: ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات.
وصل اليوم الاثنين، إلى بيروت أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد، قادمًا من رام الله، حاملاً خطة متكاملة تهدف إلى تنظيم وحصر السلاح داخل المخيمات الفلسطينية المنتشرة على الأراضي اللبنانية.
وتتزامن الزيارة مع تحركات إقليمية أخرى، من المنتظر أن تشهدها الساحة اللبنانية، أبرزها زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مساء اليوم، فيما يُرتقب وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت بعد عطلة عيد الأضحى، في زيارة قد تكون الأخيرة قبل انتقال ملف لبنان إلى شخصية أميركية جديدة.
السلاح الفلسطيني على طاولة الدولة اللبنانية
كان ملف السلاح الفلسطيني حاضرًا بقوة في الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان، والتي التقى خلالها الرئيس اللبناني جوزيف عون. اللقاء أسفر عن اتفاق ثنائي لتشكيل لجنة لبنانية فلسطينية مشتركة، هدفها دراسة واقع المخيمات، ووضع آليات لمعالجة ملف السلاح، وصولًا إلى حصره بيد الدولة اللبنانية.
وقد أعلن الرئيس اللبناني الأسبوع الماضي أن اللجان المشتركة ستبدأ عملها منتصف الشهر الجاري، في ثلاث مخيمات كمرحلة أولى، دون تسميتها.
خارطة المخيمات.. سلاح متفاوت وانتشار مركّب
يُقدّر عدد المخيمات الفلسطينية الرسمية في لبنان بـ12 مخيمًا، موزّعة على مختلف المحافظات، إلى جانب 57 نقطة تجمّع أخرى. ويقطن هذه المخيمات والتجمعات أكثر من 235 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى وكالة الأونروا، بحسب الأرقام الرسمية.
مخيم نهر البارد (شمالًا): يُعتبر المخيم الوحيد الخالي من السلاح، ويخضع منذ عام 2007 لسيطرة الجيش اللبناني بالكامل، بعد المواجهات العنيفة التي شهدها بين الجيش وتنظيم “فتح الإسلام”، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من العسكريين والمدنيين.
مخيم عين الحلوة (جنوبًا): يُعد أكبر المخيمات الفلسطينية وأكثرها تسليحًا، وتنتشر فيه أسلحة خفيفة ومتوسطة، إلى جانب معلومات تفيد بوجود سلاح ثقيل داخل المخيم.
ورحت مصادر مطّلعة، بأن غالبية السلاح داخل المخيمات هو سلاح فردي أو متوسط، مع تركّز السلاح الثقيل في نقاط محددة.
بين السيادة اللبنانية والخصوصية الفلسطينية.. معادلة دقيقة
تأتي المبادرة الفلسطينية لتسليم السلاح في ظل إدراك متزايد لدى القيادة الفلسطينية بأن استمرار انتشار السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية يشكّل عبئًا سياسيًا وأمنيًا على المخيمات وأهلها، فضلًا عن كونه ذريعة دائمة للاتهام والتوتر.
في المقابل، تسعى الدولة اللبنانية إلى فرض سيادتها الكاملة على أراضيها، ولكن من دون الانزلاق إلى مواجهة أمنية داخل المخيمات، خصوصًا في ظل هشاشة الوضع الداخلي.
لذا، فإن اللجان المشتركة تمثل اختبارًا حقيقيًا للثقة بين الجانبين، وتجربة قد تفتح الباب أمام مقاربة جديدة لملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
هل تنجح الخطة؟
في ظل هذا الحراك الدبلوماسي المتسارع، ووسط تحديات سياسية وأمنية متراكمة، يبقى السؤال: تنجح خطة منظمة التحرير في ضبط السلاح وتسليمه تدريجيًا؟، وهل تجد الدولة اللبنانية الدعم الإقليمي والدولي الكافي لفرض سيادتها دون إشعال الساحة الداخلية؟.