أثارت تصريحات أدلى بها السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، جدلًا واسعًا بشأن طبيعة المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. ففي مقابلة مع موقع “المونيتور”، أعرب باراك عن “قلق جدي” لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من احتمالات تعرض الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، لمحاولة اغتيال من قبل فصائل متطرفة، قال إنها غير راضية عن الانفتاح السياسي الذي يقوده الشرع منذ توليه الحكم.
مسار انفتاح محفوف بالمخاطر
منذ تسلمه السلطة، يحاول الرئيس أحمد الشرع رسم ملامح جديدة لسوريا ما بعد الحرب، عبر سلسلة من المبادرات التي تشمل إشراك طيف واسع من المكونات السياسية والاجتماعية والدينية، بما في ذلك أطراف كانت على هامش المعادلة السياسية لعقود. كما أطلق إشارات انفتاح نحو الغرب، أثارت، بحسب مراقبين، حالة من التململ في أوساط تيارات كانت تقاتل إلى جانبه خلال حملة الإطاحة ببشار الأسد.
باراك وصف هذه السياسة بأنها “ضرورية لكنها محفوفة بالمخاطر”، مضيفًا أن “التحولات السريعة في البيئات الخارجة من النزاع قد تفتح المجال أمام تيارات راديكالية تسعى إلى تقويض أي فرصة للاستقرار”.
مخاوف من عودة التطرّف تحت غطاء السخط
بحسب باراك، فإن الخطر لا يأتي فقط من جماعات متشددة نشطة تقليديًا مثل “داعش”، بل أيضًا من فصائل منشقة عن قوى مسلحة كانت قد تحالفت مع الشرع خلال العمليات العسكرية الأخيرة. بعض هذه الفصائل تشعر الآن بأنها تُستبعد من المشهد، أو أن سياساته التصالحية لا تتماشى مع أجنداتها المتشددة.
وأشار المبعوث الأميركي إلى أن هناك محاولات من قِبل تنظيمات راديكالية لإعادة تجنيد مقاتلين سابقين، عبر استغلال حالة الإحباط أو غياب الرؤية الواضحة لمستقبلهم في النظام الجديد. وأضاف أن “تأخر برامج الإغاثة الاقتصادية وغياب العدالة الانتقالية الفعالة يزيدان من قابلية هؤلاء للعودة إلى الفكر المتطرف”.
تحذير من اغتيال سياسي قد يعيد الأزمة إلى نقطة الصفر
باراك أطلق تحذيرًا مباشرًا من “محاولة اغتيال سياسي قد تعيد سوريا إلى نقطة الصفر”، داعيًا إلى تشكيل منظومة حماية للرئيس الشرع لا تعتمد على القوة العسكرية المباشرة، بل على “تنسيق استخباراتي واسع بين الحلفاء لضمان الاستقرار الأمني والسياسي”.
هذه التصريحات تفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة السورية الجديدة على ضبط المشهد الأمني المعقد، في ظل انتشار السلاح، وتداخل الولاءات، واستمرار التهديدات التي تتجاوز حدود الجغرافيا السورية.
دور أمريكي غير مباشر في المرحلة الانتقالية
ورغم تأكيد باراك أن الولايات المتحدة لا تعتزم التدخل عسكريًا في سوريا في المرحلة الحالية، إلا أن دعوته إلى تفعيل التنسيق الاستخباراتي تعكس رغبة أميركية في لعب دور فاعل – وإن كان من وراء الستار – لضمان نجاح المسار السياسي الذي ترى فيه واشنطن بوابة ضرورية لإعادة الاستقرار في المنطقة.
كما أشار إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه النظام السوري الجديد ليس فقط في إحباط المؤامرات الأمنية، بل في ترجمة الوعود الإصلاحية إلى واقع ملموس، بما يعزز الثقة لدى الشعب السوري، ويقطع الطريق أمام محاولات الفوضى والتطرف.