في خطاب غير تقليدي حمل تحذيرات مباشرة، أطلق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني نداءً دوليًا من قلب البرلمان الأوروبي في بروكسل، الثلاثاء، بشأن التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد إيران.
أكد الملك عبدالله أن توسع إسرائيل في هجماتها ليشمل أراضي إيرانية، يرفع مستوى النزاع إلى درجة غير مسبوقة من الخطورة، مشيرًا إلى أن “هذه المعركة لا يمكن التنبؤ بحدودها، وتشكل تهديدًا للناس في كل مكان”.
وأضاف: “في نهاية المطاف، يجب أن ينتهي هذا الصراع. لقد خرجت الأمور عن السيطرة، والصمت الدولي لم يعد خيارًا”.
وجاءت كلمته في توقيت حساس، بعد أسابيع من التوترات المتزايدة بين تل أبيب وطهران، ووسط تحذيرات من انزلاق الصراع إلى مواجهة إقليمية أو حتى عالمية.
تحذير من «هلع استراتيجي»: الملك يدق ناقوس الخطر في أوروبا
ألقى الملك كلمته أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في وقت تستشعر فيه العواصم الغربية حالة من “الهلع الاستراتيجي”، بحسب وصف مصادر دبلوماسية، نظرًا لاحتمال دخول أطراف متعددة في حرب مفتوحة إذا استمر القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران.
وبحسب مراقبين، حملت كلمة الملك لغة تحذيرية غير مسبوقة، ركّزت على مسؤولية المجتمع الدولي، لا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في وقف التدهور الأمني والسياسي في الشرق الأوسط.
موقف عربي موحّد: 20 دولة تدين وتدعو لضبط النفس
جاءت تصريحات العاهل الأردني بالتوازي مع بيان مشترك قوي أصدره وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية، عبروا فيه عن “الرفض الكامل للهجمات الإسرائيلية على إيران”.
وشملت قائمة الدول: السعودية، الإمارات، قطر، مصر، الأردن، الكويت، البحرين، العراق، الجزائر، سلطنة عمان، تركيا، السودان، باكستان، ليبيا، موريتانيا، جزر القمر، جيبوتي، الصومال، بروناي، وتشاد.
وجاء في البيان: ندين بأشد العبارات الهجمات الإسرائيلية على إيران، ونؤكد أن هذه الأعمال تمثل خرقًا سافرًا للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
كما طالب الوزراء بضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، والتمسك بمبادئ حسن الجوار وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية.
النووي في قلب العاصفة: الضربات تعيق البرنامج الإيراني لأشهر
وبحسب تقارير استخباراتية غربية، فإن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على منشآت داخل إيران قد أعاقت برنامجها النووي لبضعة أشهر، دون أن توقفه تمامًا. وتشير التقارير إلى أن منشأة “نطنز” النووية، وكذلك مواقع أخرى، تعرضت لأضرار مباشرة أدت إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزي.
ورغم التدمير الجزئي، أكد مسؤولون إيرانيون أن بلادهم “لن تتراجع عن برنامجها السلمي”، متوعدين بـ”رد قاسٍ ومناسب”.
مصر على خط الاتصالات: مبادرة دبلوماسية لوقف التصعيد
برزت مبادرة مصرية دبلوماسية لاحتواء التصعيد، حيث كثّف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاته مع نظرائه في الدول الإسلامية، تمهيدًا لطرح مبادرة متكاملة للتهدئة خلال الأيام المقبلة، بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأوضح بيان الخارجية المصرية أن “الوضع الإقليمي لا يحتمل المزيد من المغامرات العسكرية، وأن الانفجار الشامل قد يكون وشيكًا ما لم تتدخل القوى الكبرى لكبح جماح التصعيد”.
دعوات لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل
وفي البيان العربي المشترك، شدد الوزراء على ضرورة “إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل”، داعين إلى انضمام جميع دول المنطقة دون استثناء إلى معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT).
وقال البيان: نرفض الانتقائية في تطبيق القانون الدولي، ونطالب بسرعة الانضمام للمعاهدة بما يضمن الأمن الجماعي ويمنع أي سباق تسلّح خطير
نحو جبهة دبلوماسية جديدة لإنقاذ الشرق الأوسط
يرى محللون أن التحرك الأردني بقيادة الملك عبد الله، والمبادرة المصرية، تمهدان لتشكيل جبهة دبلوماسية عربية جديدة تهدف إلى وقف الهجمات المتبادلة فورًا، وخفض التوتر عبر وساطة متعددة الأطراف، وكذلك الدعوة لمؤتمر دولي بشأن أمن الشرق الأوسط إضافة إلى تجنيب الشعوب تبعات حرب نووية محتملة.
وفي ظل هشاشة الأوضاع، يبدو أن الكلمة السياسية العربية قد عادت للميدان الدولي.