في أول تعليق له منذ الهجوم الواسع على المنشآت النووية الإيرانية، نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن تكون إدارته قد قدّمت عروضًا لطهران، أو عقدت أي لقاءات مع مسؤولين إيرانيين في أعقاب العملية العسكرية.
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشيال” مساء الأحد: “لم ألتقِ بأي جهة من الإدارة الإيرانية”، مضيفًا: “ليخبر أحدهم السيناتور الديمقراطي كريس كونز أنني لم أقدّم أي عروض لإيران”.
تصريحات ترامب جاءت ردًا على ما قاله كونز في وقت سابق من أن إدارة الرئيس السابق كانت قد أبدت استعدادًا للانخراط في مفاوضات مباشرة مع طهران بعد الهجوم الأميركي على منشآت أصفهان وفوردو.
وفي منشوره، أعاد ترامب انتقاد الرئيس الأسبق باراك أوباما، مدعيًا أنه “منح مليارات الدولارات لإيران”، مشددًا على أنه “لن يسلك هذا الطريق مطلقًا”.
“ضربة موجعة” لبرنامج إيران النووي
على الجانب الأمني والاستخباراتي، كشفت مصادر أميركية عن حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني جراء الغارات الأميركية الأخيرة.
وفي إحاطة مغلقة أمام أعضاء في الكونغرس، أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف أن الهجوم “ألحق ضررًا لا يمكن إصلاحه على المدى القريب” بالمنشآت النووية الإيرانية.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤول مطلع على مضمون الإحاطة أن راتكليف أوضح أن معظم مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب لا يزال تحت أنقاض منشأتي أصفهان وفوردو، وأن الأضرار التي طالت البنية التحتية لهذه المواقع تعرقل قدرة طهران على استئناف عمليات التخصيب خلال السنوات المقبلة.
وقال راتكليف، بحسب التسريبات، إن “حتى لو نجت كميات من اليورانيوم، فإن خسارة المعدات والتجهيزات الحيوية تُعد ضربة استراتيجية ستُقوّض جهود إيران في إنتاج سلاح نووي”.
كما أشار إلى أن الهجوم أدّى إلى تدمير منظومات الدفاع الجوي الإيرانية المحيطة بالمواقع النووية، ما يُضعف من قدرة طهران على حماية منشآتها مستقبلاً، ويفتح الباب أمام تدخلات إسرائيلية محتملة لمنع أي محاولات لإعادة الإعمار أو التخصيب، على حد تعبيره.
غموض وردود فعل متباينة
الهجوم الأميركي الذي استهدف ثلاث منشآت نووية في 22 يونيو/حزيران باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، لا يزال يثير الكثير من الجدل والغموض بشأن تداعياته الحقيقية.
ففي حين تصر واشنطن على أن الضربة كانت “ضرورية وحاسمة” لمنع إيران من الوصول إلى قدرات نووية، تلتزم طهران الصمت النسبي، مكتفية بتصريحات مقتضبة على لسان الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، الذي قال إن “العدوان الإسرائيلي الأميركي لم يحقق أهدافه”، دون تقديم تفاصيل أو توضيحات إضافية.
وبينما تروّج وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية لانتصار نوعي في ملف البرنامج النووي الإيراني، يشكك محللون في مدى دقة هذه الرواية، خاصة في ظل غياب تقييم مستقل للأضرار، وصمت طهران عن نشر صور أو بيانات فنية توضح ما جرى داخل المنشآت.
مستقبل غامض.. وتصعيد مرجح
مع التوتر المتصاعد، يزداد الغموض حول ما إذا كانت إيران سترد على الضربة الأميركية، أم أنها ستتريث في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، والتي قد تعيد ترامب إلى البيت الأبيض أو تأتي بإدارة ذات نهج مختلف.
وبينما تلوح الولايات المتحدة بخيار الردع المفتوح، وتستعرض إسرائيل قدراتها على منع “نهضة نووية إيرانية”، يبدو أن طهران ستُجبر في المرحلة المقبلة على إعادة حساباتها، سواء من حيث الموقع الجيوسياسي أو قدرة الردع.
ويبقى السؤال معلقًا: هل نشهد بداية نهاية البرنامج النووي الإيراني؟ أم أن الضربة الأميركية، رغم قوتها، لن تكون سوى فصل جديد في صراع طويل لم تُكتب نهايته بعد؟