في إعلان يحمل دلالات استراتيجية كبيرة، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قرب دخول بلاده عصر الطاقة النووية، معلنًا أن اختبارات الإنتاج الأولى لمحطة “آق قويو” النووية ستبدأ قبل نهاية العام الجاري، مع توصيل أولى وحدات الكهرباء إلى الشبكة الوطنية.
جاء هذا التصريح خلال قمة الموارد الطبيعية التي استضافتها إسطنبول، حيث شدد أردوغان على أهمية بلاده المتزايدة في ميدان أمن الطاقة العالمي، وخاصة في ظل التحديات التي تواجهها أوروبا على صعيد إمدادات الطاقة، قائلاً: «لقد اتخذنا خطوات عديدة للمساهمة في أمن الطاقة الإقليمي من أجل التخفيف من حدة الأزمة التي تعاني منها الدول الأوروبية». وأضاف: «تحوّل تركيا إلى ملاذ في أوقات الأزمات الطاقوية الأوروبية ليس محض صدفة».
ويُعد مشروع “آق قويو” أول محطة نووية يتم إنشاؤها في تركيا، وقد بدأ العمل فيه منذ عام 2017 بالتعاون مع روسيا، ويتضمن بناء أربعة مفاعلات بقدرة إنتاجية تصل إلى 4800 ميغاواط، وهو ما سيُحدث تحولًا كبيرًا في مزيج الطاقة التركي ويقلل الاعتماد على المصادر الأحفورية المستوردة.
طموحات تركيا لا تقف عند حدودها
لم يقتصر إعلان أردوغان على التقدم النووي فحسب، بل كشف كذلك عن طموحات بلاده في مجال التنقيب عن الموارد الطبيعية خارج الحدود، مشيرًا إلى أن تركيا ستحقق أول إنتاج لها من أحد مناجم الذهب في النيجر خلال هذا العام، وهو مشروع حصلت أنقرة على رخصته رسميًا، ويعكس سعيها لتعزيز مصادرها من المعادن الاستراتيجية.
وفي إطار استعراضه لإنجازات بلاده في قطاع الطاقة، أعلن أردوغان أن الإنتاج اليومي من النفط في تركيا تجاوز حاجز 135 ألف برميل يوميًا مع نهاية مارس 2025، بفضل العمليات المكثفة في منطقة “غابار” جنوب شرقي البلاد، وهو رقم قياسي في تاريخ إنتاج النفط التركي.
أما على صعيد الغاز الطبيعي، فقد أكد الرئيس التركي أن حقل “صقاريا” الواقع في غرب البحر الأسود سيصل إلى إنتاج يومي يُقدّر بـ20 مليون متر مكعب في عام 2026، على أن يرتفع إلى 40 مليون متر مكعب يوميًا بحلول 2028، مما يعزز موقع تركيا كمصدر محتمل للطاقة في المنطقة.
دلالات استراتيجية
تكشف هذه التصريحات عن طموح تركي واضح في التحول إلى مركز طاقة إقليمي، ليس فقط من خلال الاستيراد والتوزيع، بل عبر الإنتاج المحلي والاستثمار في التكنولوجيا النووية والتوسع الجغرافي في البحث عن الثروات الطبيعية. ويبدو أن تركيا تسعى إلى الاستفادة من الفراغ الذي أحدثته الأزمة الطاقوية الأوروبية لتكريس نفسها كفاعل لا يمكن تجاهله في موازين الطاقة العالمية.