تُشير الأنباء المتداولة حول عزم بريطانيا فرض عقوبات رسمية على وزيري الأمن والمالية الإسرائيليين، إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، إلى تحول لافت في الموقف الدولي تجاه الممارسات الإسرائيلية، وتحديدًا تلك المتعلقة بالحرب في قطاع غزة وتوسع المستوطنات. هذه الخطوة، التي ستضع المملكة المتحدة في مصاف دول مثل كندا وأستراليا ونيوزيلندا التي سبقتها في فرض عقوبات مشابهة، تحمل في طياتها دلالات عميقة تتجاوز مجرد تجميد أصول وحظر سفر، لتمتد إلى تأثيرات محتملة على مسار الحرب في غزة، وعلى المشهد السياسي الداخلي في إسرائيل.
تصريحات متطرفة ضد القانون الدولي
إن استهداف شخصيات بعينها كبن غفير وسموتريتش، وهما من وزراء اليمين المتطرف المعروفين بمواقفهم المتشددة وتصريحاتهم المثيرة للجدل، يُشكل رسالة واضحة من المجتمع الدولي بأن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها. فتصريحات سموتريتش، التي تدعو إلى “تدمير غزة بالكامل” و”مغادرة الفلسطينيين بأعداد كبيرة”، أو دعوات بن غفير لاستبدال المسجد الأقصى بكنيس يهودي وطرد الفلسطينيين من غزة، ورفضه دخول المساعدات الإنسانية، تُعتبر متطرفة وتتعارض مع القوانين والأعراف الدولية. هذه العقوبات هي إقرار دولي بأن هذه التصريحات والممارسات لا تقتصر على كونها آراء سياسية، بل إنها تداعيات خطيرة تُساهم في تأجيج الصراع وتعرقل أي جهود نحو حل سلمي.
تأثير هذه العقوبات على الحرب في غزة قد لا يكون مباشرًا وفوريًا على العمليات العسكرية، لكنه يكمن في البعد السياسي والمعنوي. أولاً، تضغط هذه الإجراءات على الحكومة الإسرائيلية، وتحديدًا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يعتمد بشكل كبير على دعم سموتريتش وبن غفير للحفاظ على ائتلافه الهش. فإعلان بريطانيا فرض عقوبات، وموقف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الغاضب، يؤشر إلى حساسية إسرائيل تجاه هذه الخطوة. قد يُجبر هذا الضغط نتنياهو على إعادة تقييم مواقف بعض وزرائه، أو على الأقل، أن يُظهر للمجتمع الدولي أنه يأخذ المخاوف الدولية على محمل الجد، خاصة مع تصاعد الانتقادات بشأن الأزمة الإنسانية في غزة.
تحول تدريجي في الخطاب السياسي الإسرائيلي
ثانياً، تُعزز هذه العقوبات من شرعية القضية الفلسطينية وتُظهر وجود توافق دولي متزايد على أن سلوك بعض المسؤولين الإسرائيليين يتجاوز المقبول دوليًا. فكون العقوبات مماثلة لتلك المفروضة على شخصيات روسية بارزة مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، يُضفي عليها ثقلًا إضافيًا ويُرسل إشارة بأن الممارسات الإسرائيلية تُقارن بأفعال تُعتبر انتهاكات جسيمة للقانون الدولي. هذا قد يُشجع دولًا أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، مما يزيد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية ويُشكل ضغطًا إضافيًا على سياستها في غزة.
في المقابل، قد يُنظر إلى هذه العقوبات داخليًا في إسرائيل على أنها تدخل في الشؤون الداخلية، مما يُثير ردود فعل غاضبة من اليمين المتطرف، وربما يُعزز من مواقف سموتريتش وبن غفير لدى قاعدتهما الشعبية التي قد تراها استهدافًا غير مبرر. لكن على المدى الطويل، ومع تصاعد التكلفة السياسية والاقتصادية لهذه المواقف، قد تُساهم هذه العقوبات في إحداث تحول تدريجي في الخطاب السياسي الإسرائيلي، أو على الأقل، في فرض قيود على حرية بعض المسؤولين في التعبير عن آراء تُعتبر متطرفة أو تُخالف القانون الدولي، مما قد يؤثر على مسار الحرب في غزة ويُقلل من حدة بعض سياساتها العدوانية.