في تصعيد خطير يعكس استمرار الحرب المستعرة في السودان، نفذت قوات الدعم السريع ضربة جوية استهدفت مستودعاً للوقود ومقراً عسكرياً للجيش السوداني في مدينة كوستي، بولاية النيل الأبيض.
ونقلت مصادر، أن “ميليشيا الدعم السريع استخدمت طائرة مسيرة استراتيجية لقصف مستودع الوقود ومقر الفرقة 19، ما أسفر عن اندلاع حريق هائل في المستودع ووقوع أضرار جسيمة”.
الدخان يغطي سماء كوستي: شهود عيان يروون التفاصيل
سكان مدينة كوستي أكدوا وقوع عدة انفجارات قوية أعقبها تصاعد أعمدة كثيفة من الدخان، شوهدت من عدة أحياء داخل المدينة.
بعض السكان فروا من منازلهم خشية توسع القصف، بينما سارعت فرق الدفاع المدني إلى محاولة احتواء الحريق وسط ظروف أمنية خطرة.
ووفقا لموقع “العربية”، فقال أحد الشهود: “سمعنا دوي الانفجارات حوالى منتصف الليل، وبعد دقائق اشتعلت السماء باللون الأحمر والدخان غطى الأجواء. الناس كانوا في حالة هلع شديدة”.
الجيش يرد ويمضي قدماً في معاركه بالخرطوم
رغم هذه الضربة، أكدت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني لا يزال يحقق تقدماً في جبهات القتال، لا سيما في العاصمة الخرطوم، حيث تمكن خلال الشهرين الماضيين من استعادة السيطرة على أغلب المواقع العسكرية والدبلوماسية المهمة، وطرد مقاتلي الدعم السريع من العديد من الأحياء الرئيسية.
ويؤكد المتحدث باسم الجيش أن “الهجمات المتفرقة بالطائرات المسيرة من قبل الدعم السريع لن تثني القوات المسلحة عن مواصلة عملياتها لاستعادة كامل الأراضي السودانية من أيدي التمرد”.
الدعم السريع: لا استسلام في الأفق
من جهتها، أصدرت قوات الدعم السريع بياناً أكدت فيه مسؤوليتها عن الهجوم الأخير، مشيرة إلى أنه “يأتي رداً على جرائم الجيش ضد المدنيين”، ومشددة على أنها “لن تتراجع أو تستسلم حتى إسقاط ما وصفته بالنظام العسكري الديكتاتوري”.
ويرى مراقبون أن استخدام الطائرات المسيرة بات يشكل أحد أخطر الأسلحة في يد قوات الدعم السريع، التي تعتمد على ضربات خاطفة ومفاجئة لتعويض خسائرها الميدانية، خاصة بعد تقهقرها في العاصمة.
حرب بلا نهاية تلوح في الأفق
بدأ النزاع في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الشهير بـ”حميدتي”. ومنذ ذلك الحين، دخلت البلاد في نفق مظلم من الدمار والمآسي الإنسانية.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين، فيما تجاوز عدد المهجرين داخلياً وخارجياً 13 مليون شخص، وفقاً لأحدث تقارير الأمم المتحدة. ومع غياب أي أفق لحل سياسي شامل، تستمر الانقسامات المسلحة في حرق الأخضر واليابس، في وقت تعاني فيه البلاد من مجاعة متفاقمة وانهيار شبه تام للبنية التحتية.
السودان بين نارين
بينما يحاول الجيش استعادة السيطرة على الأرض، وتواصل قوات الدعم السريع شن هجمات مباغتة، يبقى المواطن السوداني هو الضحية الأولى والأخيرة.
ووسط هذا الدمار، يترقب الجميع بصيص أمل في تسوية تنقذ ما تبقى من وطن مزقته الحرب وجعلته ساحة لصراعات لا يبدو أنها ستنتهي قريباً.