في تصعيد لافت وخطير في المواجهة المستمرة بين طهران وتل أبيب، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، اليوم الخميس، أن إسرائيل نفذت هجومًا استهدف مفاعل الأبحاث في خنداب ومجمع الماء الثقيل المرتبط به، الواقع بالقرب من مدينة آراك جنوب طهران. ووصفت طهران الهجوم بأنه “انتهاك سافر للقانون الدولي”، محذرة من عواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة.
وذكرت المنظمة، في بيان رسمي بثته وسائل إعلام محلية، أنها سبق أن أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدة تهديدات وهجمات إسرائيلية، غير أن الوكالة “لم تتخذ أي إجراء ملموس”، على حد وصفها.
مفاعل خنداب.. هدف استراتيجي قيد الاستهداف
يُعد مفاعل آراك للأبحاث، الذي يعمل بالماء الثقيل، أحد أبرز المواقع النووية الحساسة في إيران. وعلى الرغم من توقفه جزئيًا بعد الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أنه ظل تحت الرقابة الدولية وكان محورًا لعدة مفاوضات سابقة لإعادة تصميمه بما يحد من قدراته على إنتاج البلوتونيوم.
وتقول طهران إن الهجوم الأخير لم يُسفر عن أي إصابات أو تسرب إشعاعي، مؤكدة أن السلطات اتخذت ترتيبات وقائية مسبقة نظراً لتصاعد التوترات الأمنية.
الجيش الإسرائيلي: ضربات مركزة ضد البنية التحتية النووية
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو نفذ سلسلة من الضربات الجوية “الدقيقة” خلال الليل، استهدفت مواقع إيرانية لتطوير الأسلحة النووية، من بينها منشأة نطنز ومفاعل آراك المتوقف.
وقال المتحدث باسم الجيش إن الغارات “تهدف إلى إضعاف قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم وإنتاج أجهزة الطرد المركزي”. وأضاف أن إسرائيل “لن تسمح لطهران بامتلاك قنبلة نووية، وستواصل ضرب أي موقع يشكل تهديدًا مباشرًا”.
ردود فعل دولية متباينة… والأنظار على الوكالة الدولية
حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن مصادر دبلوماسية أفادت بأن التحقيق جارٍ في صحة المزاعم، وأنها تتابع التطورات “بقلق بالغ”.
بدورها، دعت عدد من العواصم الأوروبية إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد الذي قد يُقوّض جهود إحياء الاتفاق النووي المجمّدة منذ سنوات، بينما عبرت موسكو وبكين عن “قلق بالغ” من استهداف مواقع نووية قيد الرقابة الدولية.
صراع بلا سقف: من الطائرات المسيّرة إلى المفاعلات النووية
يأتي هذا الهجوم ضمن سياق تصعيد غير مسبوق بين الطرفين، دخل أسبوعه الثاني، حيث تواصل إيران إطلاق موجات من الطائرات المسيّرة الهجومية على أهداف داخل إسرائيل، بالتوازي مع ضربات إسرائيلية مركزة على المنشآت الإيرانية.
وفيما تبدو المواجهة أشبه بحرب غير معلنة، إلا أن استهداف منشآت نووية يرفع منسوب الخطورة إلى مستويات قد تخرج عن السيطرة.
هل يفشل الاتفاق النووي نهائيًا؟
يضع هذا الهجوم الاتفاق النووي الهش على حافة الانهيار مجددًا. فبينما تؤكد طهران التزامها بعدم تطوير سلاح نووي، تشير تقارير استخباراتية غربية إلى “زيادة في نشاط تخصيب اليورانيوم” خلال الشهور الماضية.
وفي ضوء التصعيد الحالي، تتضاءل فرص استئناف المفاوضات في فيينا أو عودة الأطراف إلى طاولة الحوار، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من سباق التسلح النووي في المنطقة.
مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات
ما بين قصف مفاعلات نووية وهجمات انتحارية بطائرات مسيّرة، يدخل الصراع الإيراني الإسرائيلي طورًا بالغ الخطورة. ورغم المساعي الدبلوماسية الدولية لاحتواء التوتر، تبدو الأيام المقبلة مرشحة لمزيد من التصعيد، وربما مفاجآت يصعب التنبؤ بمداها.
هل تنجح القوى الكبرى في احتواء النار قبل أن تصل إلى عتبات الانفجار الإقليمي الكبير؟ أم أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع النووي في الشرق الأوسط؟