في تصعيد جديد يعكس التوتر المتزايد بين إسرائيل وحزب الله، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، مسؤوليته عن اغتيال القيادي في حزب الله محمد علي جمول، وذلك إثر استهداف سيارته عبر طائرة مسيّرة في بلدة دير الزهراني جنوب لبنان.
وقالت تل أبيب إن جمول كان يشغل موقع قائد وحدة الصواريخ في قطاع الشقيف، وقد نفذ خلال الفترة الماضية “هجمات عديدة وشارك في إعادة بناء البنية التحتية لحزب الله”، معتبرة أن نشاطه يمثل انتهاكًا للتفاهمات الأمنية بين الجانبين.
تحليق غير مسبوق للأباتشي الإسرائيلية في العمق اللبناني
وفق ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فقد سبق عملية الاغتيال تحليقًا لافتًا لطائرات أباتشي إسرائيلية في أجواء الجنوب، في تحرك يعد الأول من نوعه من حيث العمق والمدة داخل الأجواء اللبنانية.
كما استهدفت طائرات الاحتلال فجر الجمعة أربع غارات على أطراف بلدة شمسطار في البقاع الشرقي، لتتواصل بذلك سلسلة الغارات الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ وقف إطلاق النار المعلن في نوفمبر الماضي.
خروقات بالجملة: غارات واستهدافات وجهاز تجسس إسرائيلي
بالتوازي مع التصعيد الجوي، أعلن الجيش اللبناني، أمس الجمعة، تفكيك جهاز تجسس إسرائيلي مزوّد بكاميرا في محيط بلدة بليدا – مرجعيون، ضمن عمليات المسح الهندسي التي تقوم بها وحدات الجيش في الجنوب.
كما كشف الجيش عن إزالة 13 ساترًا ترابيًا أقامتها القوات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، في مؤشر واضح على استمرار الخرق الإسرائيلي للخط الأزرق والقرار 1701، وهو ما دفع قيادة الجيش للتأكيد على استمرار التنسيق مع قوات اليونيفيل لمتابعة هذه التجاوزات.
الجنرال جوزيف عون: ضبط النفس لا يعني التراجع
قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، كان قد شدد في مواقف سابقة على أن الجيش “ملتزم بحماية السيادة اللبنانية والتصدي لأي انتهاك”، مؤكدًا أن “ضبط النفس لا يعني التراجع عن الحقوق، وأن الجيش مستمر في مراقبة التطورات ميدانيًا بالتنسيق مع الأمم المتحدة”.
عون شدد على أهمية دعم المؤسسة العسكرية في ظل التصعيد، قائلاً إن “أي تصعيد إسرائيلي سيقابل برد دبلوماسي وأمني محسوب، لتفادي الانزلاق نحو مواجهة شاملة”.
خارطة طريق من الخبراء: بين الردع والتوازن العسكري
ويرى خبراء عسكريون أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من الاغتيالات المحدودة والمواجهات الموضعية، في ظل سياسة “الاحتواء المشروط” التي يعتمدها الجانبان.
ويشير محللون إلى أن إسرائيل تسعى لإضعاف البنية الصاروخية لحزب الله عبر استهداف القيادات الميدانية، في حين يعتمد الحزب على سياسة “الرد المحسوب” لتجنب اندلاع حرب شاملة.
ووفق قراءة الخبراء، فإن المنطقة تتجه نحو حالة استنزاف متبادل، خصوصًا في ظل انشغال إسرائيل بجبهتها الجنوبية في غزة، ومحاولتها الحفاظ على معادلة الردع دون توسيع رقعة الحرب.
التصعيد مستمر والحرب المفتوحة مؤجلة
عملية اغتيال جمول تؤكد أن الجنوب اللبناني ما زال ساحة مشتعلة رغم اتفاق وقف إطلاق النار. في المقابل، تؤشر ردود الجيش اللبناني وتحركات حزب الله إلى أن الرد لن يكون عشوائيًا، بل محسوبًا ضمن معادلة التوازن القائمة منذ سنوات.
وبينما يترقب اللبنانيون والعالم ما ستؤول إليه هذه المواجهات، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل نحن أمام حرب استنزاف طويلة؟ أم أن المنطقة تقف على أعتاب انفجار كبير؟