تستعد إيران لتسليم روسيا دفعة من منصات إطلاق الصواريخ الباليستية قصيرة المدى من طراز “فتح-360″، بحسب ما أفاد به مسؤولان أمنيان غربيان ومسؤول إقليمي لوكالة “رويترز”. وتأتي هذه الخطوة في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد الحاجة الروسية إلى دعم تسليحي نوعي يعزز أداء قواتها على الجبهة، لا سيما في ظل العقوبات الغربية والقيود المفروضة على صادرات السلاح إلى موسكو.
الصواريخ الباليستية من طراز “فتح-360″، والتي يبلغ مداها نحو 120 كيلومتراً، تُعد من الأسلحة الفعالة ضمن فئة الصواريخ التكتيكية، وتتميز بدقتها العالية نسبياً وسرعتها الكبيرة، مما يجعلها سلاحاً مناسباً لضرب أهداف عسكرية قريبة من خطوط التماس، فضلاً عن قدرتها على التأثير في المناطق السكنية القريبة من الحدود مع روسيا، حيث تدور العديد من المعارك العنيفة بين القوات الروسية والأوكرانية. ويرى محللون عسكريون أن تسليم هذه المنصات يمثل تحولاً نوعياً في طبيعة الدعم الإيراني لروسيا، إذ لم تكن المنصات من بين المعدات التي أُرسلت في وقت سابق، مما يشير إلى تصعيد في حجم ونوعية المساعدة.
وكانت واشنطن قد أعلنت في وقت سابق، وتحديداً في عام 2024، أن إيران زودت روسيا بدفعات من هذه الصواريخ، دون أن يشمل ذلك منصات الإطلاق ذاتها. وقد تم شحن تلك الصواريخ آنذاك عبر تسع سفن ترفع العلم الروسي، وهي سفن خضعت لاحقاً لعقوبات أمريكية ضمن إطار الضغط على موسكو لوقف عدوانها على أوكرانيا. لكن الجديد في هذا الإعلان هو تأكيد مصادر استخباراتية غربية وإقليمية أن إيران بصدد إرسال منصات الإطلاق نفسها، وهو ما يرفع من قيمة الدعم ويعزز من قدرة الجيش الروسي على إطلاق الصواريخ بشكل مستقل ومتكرر من مواقع متعددة.
تسليم المنصات يمثل أكثر من مجرد إمداد تقني، فهو إشارة واضحة إلى أن العلاقة بين طهران وموسكو تجاوزت حدود التعاون السياسي والدبلوماسي إلى شراكة أمنية وعسكرية مباشرة، تُترجم فعلياً على أرض المعركة الأوكرانية. ويعكس هذا التطور تحدياً مباشراً للجهود الغربية الرامية إلى عزل روسيا وتقييد قدراتها القتالية، كما يبرز طهران كفاعل دولي يتجاوز نطاقه الإقليمي إلى دور مؤثر في النزاعات العالمية.
وتكمن الخطورة في أن هذه المنصات المتطورة قد تُستخدم لاستهداف المدن الأوكرانية أو المراكز اللوجستية الحيوية، مما قد يؤدي إلى موجات جديدة من النزوح والمعاناة الإنسانية، ويزيد من تعقيد المشهد الميداني. ومن المتوقع أن تُثير هذه الخطوة ردود فعل غربية قوية، سواء من حيث العقوبات أو من خلال تعزيز الدعم العسكري لكييف لمواجهة التهديدات الجديدة.
إن استعداد إيران لتسليم روسيا منصات “فتح-360” لا يمثل فقط دعماً لوجستياً إضافياً، بل هو مؤشر على مسار استراتيجي أوسع تتخذه طهران في إعادة صياغة تحالفاتها الدولية، بما يتجاوز الاصطفافات التقليدية ويضعها في صلب التوازنات الجيوسياسية العالمية. كما يشير إلى دخول الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة من التصعيد، عنوانها: تدويل الدعم العسكري وتحدي العقوبات الدولية.