تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل مرحلة من التوتر الصامت بعد سلسلة إقالات مفاجئة طالت مسؤولين أمريكيين بارزين عرفوا بدعمهم القوي لتل أبيب. صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية سلّطت الضوء على هذه التحولات المثيرة داخل البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، ووصفتها بأنها مصدر قلق بالغ في الأوساط الإسرائيلية، خصوصاً أنها تزامنت مع خلافات متزايدة بين واشنطن وتل أبيب حول قضايا إقليمية حساسة، أبرزها الملف الإيراني والحرب المستمرة في قطاع غزة.
الصحيفة أوضحت أن من بين المقالين ميراف سيرين، وهي أمريكية إسرائيلية عُينت مؤخرًا كرئيسة لقسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي، إلى جانب إريك ترايغر، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكلاهما تم تعيينه من قبل مستشار الأمن القومي السابق مايك وولتز، المعروف هو الآخر بمواقفه المؤيدة لإسرائيل قبل أن يُقال مؤخرًا من منصبه بقرار من الرئيس دونالد ترامب.
وبحسب المعلومات، فإن وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو، الذي تولى مسؤوليات وولتز، هو من يقف وراء هذه التغييرات، رغم أنه يُعرف بدوره بمواقفه الداعمة لإسرائيل. الصحيفة العبرية فسّرت الخطوة بأنها جزء من أجندة “أمريكا أولاً”، وليست بالضرورة موجهة ضد إسرائيل، بل تعكس رغبة الإدارة في تقليص نفوذ الدول الأجنبية داخل مؤسسات القرار الأمريكية، وفي مقدمتها مجلس الأمن القومي.
في السياق ذاته، يُتوقع أن تغادر مورغان أورتاغوس منصبها قريباً، وهي نائبة المبعوث ستيف ويتكوف والمسؤولة عن الملف اللبناني، وتُعد من أبرز الشخصيات المقرّبة من إسرائيل داخل الإدارة الأمريكية، حتى أنها تُعرف بارتدائها قلادة نجمة داوود. ووصفت الصحيفة إقالتها المرتقبة بأنها “صادمة” نظراً لدورها في تهدئة التوترات بين بيروت وتل أبيب، وجهودها في الضغط على الحكومة اللبنانية لاتخاذ موقف أكثر تشدداً تجاه “حزب الله” ونزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
مصادر إسرائيلية لم تسمها الصحيفة أكدت أن هذه الإقالات لم تأتِ من فراغ، بل تعكس نهجاً واضحاً تتبعه إدارة ترامب لإضعاف مجلس الأمن القومي وتحجيم دور المستشارين، في مقابل تركيز السلطة بيد الرئيس شخصياً. ويبدو أن ترامب لم يعيّن حتى اللحظة بديلاً لوولتز، ما يعزز هذا التوجه.
المفارقة التي رصدتها “يديعوت أحرونوت” تكمن في أن روبيو، رغم دعمه التقليدي لإسرائيل، لا يتماهى مع أجندتها بالكامل كما فعل سلفه، ما يجعله أكثر براغماتية وانسجاماً مع المزاج العام للإدارة التي تمر بتحولات داخلية متسارعة.
وفي تل أبيب، تتسع مساحة القلق، حيث توقعت مصادر مطلعة للصحيفة احتمال إقالة مزيد من الشخصيات الموالية لإسرائيل خلال الفترة المقبلة، ما يعكس مرحلة من التباعد التدريجي بين الجانبين. الصحيفة نقلت عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعترافاً ضمنياً خلال جلسة مغلقة بأنه لم يُحسن تقدير الاتجاه الذي تسير فيه السياسة الأمريكية في المرحلة الحالية، سواء في ما يخص إسرائيل أو المنطقة ككل.