يواصل الجيش الأردني تصدّيه لمحاولات تهريب المخدرات التي تتخذ من “السماء” ساحة جديدة، عبر استخدام الطائرات المسيّرة والبالونات الموجهة عن بُعد، في تكتيك متطور وخطير ينذر بتحديات أمنية متزايدة.
ومع كل شحنة تُسقط، تؤكد القوات المسلحة الأردنية أنها لن تسمح بمرور “سموم جوية” تستهدف المجتمع الأردني واستقراره.
سلاح الجو لمواجهة “الدرون المخدر”
في تطور جديد على الواجهة الجنوبية، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، فجر الأحد، أن المنطقة العسكرية الجنوبية تمكّنت من رصد طائرة مسيّرة محملة بالمواد المخدرة أثناء محاولتها اختراق الأجواء الأردنية.
وبحسب مصدر عسكري، فقد تم التعامل الفوري مع الطائرة عبر قواعد الاشتباك، لتُسقط داخل الأراضي الأردنية، وتُحال المضبوطات إلى الجهات المختصة.
المادة التي كانت تحملها المسيّرة، وفق مصادر مطلعة، هي “الكريستال المخدر” ذات التأثير العالي، والتي تُعد خيارًا مثاليًا للمهربين بسبب صغر حجمها وسهولة نقلها، فضلًا عن قيمتها المرتفعة في الأسواق السوداء.
بالونات عن بُعد.. أسلوب لا يقل خطورة
وفي واقعة مشابهة على الواجهة الشرقية، رصدت قوات حرس الحدود مجموعة من البالونات الموجهة عن بُعد، وكانت محمّلة أيضًا بشحنات من المواد المخدرة.
اللافت في هذه المحاولة، حسب المصدر العسكري، أن البالونات كانت مزوّدة بأجهزة توجيه إلكترونية تتيح لها التحرك لمسافات بعيدة بدقة عالية، قبل أن يتم إسقاطها من قبل الجيش الأردني.
تم العثور على كميات من المخدرات بين حطام البالونات، ليتم تحويلها إلى الجهات المعنية لمتابعة التحقيق.
“الكريستال”.. نجم تجارة السموم الجديدة
الكريستال المخدر، أو “الميثامفيتامين”، بات يشكل تهديدًا متصاعدًا للأمن الأردني، ليس فقط بسبب قوته الإدمانية، بل أيضًا لصعوبة كشفه وتهريبه بكميات صغيرة جدًا. ويستغل المهربون هذه الخصائص لنقل كميات كبيرة عبر مسيّرات صغيرة الحجم يصعب تتبّعها.
الخبير الأمني والعميد المتقاعد فايز شبيكات الدعجة أكد في تصريحات سابقة أن المسيّرات المستخدمة لم تعد مجرد أدوات بسيطة، بل باتت منصّات متقدمة قادرة على تجاوز أجهزة الرادار والطيران في أحوال جوية صعبة، كما أنها مزودة بأنظمة GPS ورؤية ليلية، وتدار عن بُعد عبر محطات أرضية ببرمجيات دقيقة.
وأشار إلى أن بعض هذه الطائرات قد تقطع مسافات تصل إلى 3000 كيلومتر بسرعة 240 كم/ساعة، على ارتفاعات شاهقة تصل إلى 45 ألف قدم، ما يجعل رصدها والتعامل معها أمرًا معقدًا يتطلب منظومات مراقبة وتشويش متقدمة.
تصعيد تقني.. ورد أمني حاسم
الجيش الأردني، وعلى الرغم من التطور المتسارع في أساليب التهريب، أبدى جاهزية عالية في التصدي لتلك التهديدات. فخلال الأسابيع الأخيرة فقط، تم إسقاط العديد من الطائرات المسيّرة القادمة من اتجاهات مختلفة، مما يعكس يقظة مستمرة وتنسيقًا محكمًا بين القوات البرية والجوية والأجهزة الاستخبارية.
ويؤكد مسؤولون عسكريون أن الأردن بات يُعدّ من الدول الرائدة في تطوير أساليب التصدي للمخدرات المحمولة جوًا، عبر منظومات إلكترونية ومراقبة مستمرة تغطي مختلف المناطق الحدودية.
رسالة واضحة: لا تهاون مع “التهريب الطائر”
مع تكرار هذه المحاولات، تتعزز القناعة بأن المهربين يوسّعون من خياراتهم التقنية لاختراق الحدود، لكن الرد الأردني كان حازمًا وواضحًا. فبحسب التصريحات الرسمية، فإن “أمن الأردن خط أحمر”، وإن القوات المسلحة “ستواصل عملها بكل ما تملكه من إمكانات عسكرية وتكنولوجية لمواجهة كل من يحاول تهديد هذا الأمن”.
ما بين مسيّرات شبحية وبالونات صامتة، يشهد الأردن فصلًا جديدًا من الحرب على المخدرات، عنوانه “معركة في السماء”. لكن الجيش الأردني، بثباته ويقظته، يرسل رسالة يومية لكل من تسوّل له نفسه أن حدود المملكة ليست ساحة مفتوحة للتهريب، وأن كل “حمولة طائرة” ستسقط قبل أن تُفسد شبابه ومجتمعه.