يشير التوسع الدولي في فرض عقوبات على وزراء بارزين في الحكومة الإسرائيلية، وتحديداً بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، إلى تحوّل لافت في طريقة تعاطي عدد من الدول الغربية مع سياسات الاحتلال، لا سيما تلك التي يُنظر إليها على أنها تتجاوز الخطوط الحمراء للقانون الدولي الإنساني، وتمثل تحريضاً مباشراً على العنف والكراهية.
دلالات العقوبات على سموتريتش وبن غفير
القرار الذي اتخذته دول مثل بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج إجراءات فعلية – من بينها حظر السفر وتجميد الأصول – ضد وزراء إسرائيليين يشغلون مناصب رسمية، يعكس خرقاً واضحاً لقاعدة التمييز التقليدية التي لطالما اعتمدتها هذه الدول بين دعمها السياسي والعسكري لإسرائيل من جهة، ورفضها توجيه انتقادات مباشرة لمسؤولين حكوميين من جهة أخرى. لكن في الحالة الراهنة، يبدو أن مواقف بن غفير وسموتريتش باتت تمثل عبئاً أخلاقياً وسياسياً يصعب السكوت عنه، حتى من أقرب الحلفاء.
أهمية هذا التوسع في العقوبات لا تكمن فقط في عدد الدول المنخرطة، بل في الرمزية التي يحملها استهداف شخصيات تنتمي إلى التيار الأكثر تطرفاً في الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تمثل تياراً استيطانياً صريحاً، يرفض حل الدولتين، ويدعو إلى ضم الأراضي الفلسطينية، ويُشجّع على استعمال العنف ضد الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية. مثل هذه العقوبات تُعد رسالة واضحة مفادها أن التورط في سياسات تتسم بالتمييز العرقي والعنف ضد المدنيين لن يمر دون تكلفة سياسية ودبلوماسية، حتى وإن كانت إسرائيل حليفاً استراتيجياً.
تسوية سلمية مستقبلية
دعوة زعيمة حزب الخضر الألماني، فرانتسيسكا برانتنر، لفرض عقوبات مماثلة من الجانب الألماني، تُبرز انقساماً داخل المعسكر الأوروبي بشأن كيفية التعاطي مع سياسات إسرائيل الحالية. ألمانيا، بحكم تاريخها، لطالما انتهجت سياسة دعم مطلق وغير مشروط تقريباً لإسرائيل، وغالباً ما امتنعت عن الانخراط في خطوات عقابية أو انتقادية خشية أن تُفهم على أنها تقويض “أمن إسرائيل”. لكن تصريحات برانتنر تفتح الباب أمام إعادة تقييم هذا النهج التقليدي، وتؤشر إلى تحول تدريجي في المزاج السياسي، خاصة لدى الأحزاب التقدمية واليسارية في أوروبا، نحو ربط الدعم السياسي لإسرائيل بمدى التزامها بالشرعية الدولية وحقوق الإنسان.
كما أن العقوبات تعكس قلقاً متزايداً من أن استمرار دعم شخصيات مثل بن غفير وسموتريتش في مواقع النفوذ، سيُقوّض أي إمكانية جدّية للتوصل إلى تسوية سلمية مستقبلية. فهذه الشخصيات لا تُخفي رفضها لأي حل قائم على التعايش، وتصرّح علناً بمواقف تهدد بإشعال مزيد من العنف والتطرف، سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو في المنطقة الأوسع.
الضغط على الحكومة الإسرائيلية
إن دلالات هذه العقوبات تتجاوز بعدها الرمزي. فهي تشكل اختباراً لمصداقية الخطاب الغربي الذي يدعي الدفاع عن القيم الإنسانية وحقوق الإنسان، وتكشف في الوقت نفسه عن تصاعد فجوة التوتر بين إسرائيل وبعض حلفائها، كلما تزايد نفوذ التيار الديني–القومي المتشدد في مؤسسات الحكم الإسرائيلية.
وفي ظل استمرار الحرب على غزة، وتوسع رقعة العنف في الضفة الغربية، قد تصبح هذه العقوبات نواة لتحول دولي أوسع في أدوات الضغط على الحكومة الإسرائيلية، خاصة إن استمرت في تجاهل الأصوات الدولية المطالبة بالتهدئة، وباحترام القانون الدولي.