تتعرض المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لضغوط متزايدة في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة، حيث تشهد صفوفها خسائر بشرية متصاعدة، كان آخرها مقتل سبعة جنود، بينهم ضابط، بانفجار عبوة ناسفة في خان يونس جنوب القطاع. هذه الحادثة تأتي ضمن سلسلة متكررة من الهجمات التي تستهدف قوات الاحتلال في بيئة قتالية تتّسم بالتعقيد والتكتيكات المفاجئة التي تعتمدها المقاومة الفلسطينية.
استنزاف نفسي وجسدي
منذ بداية يونيو وحده، فقد الجيش الإسرائيلي 19 جنديًا، ما يعكس تصاعد حدة الاشتباكات وتنامي الكلفة البشرية للعملية العسكرية الجارية في غزة. وعلى الرغم من محاولة المؤسسة العسكرية التقليل من أثر هذه الخسائر إعلاميًا، إلا أن الأرقام المعلنة تعكس تحديات عميقة تواجه القوات الميدانية في القطاع، خاصة في مناطق الجنوب التي كانت تُعتبر أكثر أمانًا نسبيًا.
الخسائر المتكررة في صفوف الجنود الإسرائيليين تترك أثرًا بالغًا على الحالة المعنوية للجنود، خصوصًا مع شعور متزايد بالاستنزاف النفسي والجسدي الناتج عن القتال المستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر. فقد تحولت بيئة غزة من ساحة عمليات تقليدية إلى ساحة حرب عصابات تتطلب من الجنود البقاء في حالة تأهب دائم، وسط ألغام وكمائن وهجمات مفاجئة تُنفّذها فصائل المقاومة باستخدام أساليب مرنة وغير نمطية.
كمائن قاتلة
المعطيات الميدانية تشير أيضًا إلى تعقّد مهمة الجيش في الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية العسكرية، مع وجود تقارير إسرائيلية عن حالات رفض للخدمة، وازدياد الضغوط النفسية في صفوف الجنود، خاصة في ظل تكرار مشاهد مقتل الجنود أو وقوعهم في كمائن قاتلة.
وتتعمق الأزمة في ظل غياب رؤية سياسية واضحة للحل، ما يُطيل أمد الحرب ويُشعر الجنود بأنهم يُقاتلون في معركة لا أفق لها. كما أن الفجوة بين الأهداف المعلنة سياسيًا “مثل تدمير قدرات حماس أو تحرير الرهائن” وبين الواقع الميداني الذي يزداد دموية وتعقيدًا، تُغذي شعورًا بالشك والضياع في صفوف الجنود.
تكلفة الحرب السياسية والعسكرية
في ظل ذلك، فإن استمرار الخسائر في غزة، دون إنجاز حاسم يُمكن أن يُقدَّم للرأي العام الإسرائيلي كـ”نصر”، يُهدد تدريجيًا بتآكل الثقة بالمؤسسة العسكرية، ويُضعف الحافز القتالي لدى الجنود، ويزيد من تكلفة الحرب السياسية والعسكرية والاجتماعية على إسرائيل، خاصة في ظل تزايد الانتقادات داخلية للحكومة وقيادتها العسكرية.
إن مقتل سبعة جنود في يوم واحد ليس فقط رقمًا، بل مؤشر على أن المقاومة لا تزال قادرة على ضرب العمق العسكري الإسرائيلي، وأن المعركة لم تُحسم رغم آلة الحرب الضخمة، وأن الجبهة المعنوية للجيش قد تكون الجبهة الأكثر هشاشة في معركة طويلة الأمد.