في أول ظهور له منذ إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، خرج المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، عن صمته، متحدثًا عن “نصر” إيراني مزعوم، ومقللاً من أهمية الضربات الأميركية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية رئيسية في البلاد. هذه التصريحات جاءت في كلمة متلفزة بثها الإعلام الرسمي الإيراني، وبدت بمثابة محاولة واضحة لإعادة تشكيل الرواية لصالح النظام في الداخل والخارج.
تجاهل للحقائق ومبالغة في الخطاب
خامنئي، البالغ من العمر 86 عامًا، تحدث من مكان مغلق غير معلن عنه، جالسًا أمام ستارة بنية والعلم الإيراني وصورة الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية. خلال خطابه، وصف الضربات الأميركية بأنها “صفعة قاسية” تلقتها واشنطن، في إشارة إلى الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الأميركية في قطر، بينما قلل من أهمية تأثير تلك الضربات على البرنامج النووي الإيراني، رغم ما تشير إليه تقارير استخباراتية معاكسة.
استقطاب الشارع الإيراني وتعويم الهزيمة
يرى مراقبون أن هذه التصريحات تهدف بالدرجة الأولى إلى امتصاص صدمة الشارع الإيراني بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها البلاد خلال 12 يومًا من الحرب مع إسرائيل، وهي المواجهة الأكثر دموية بين الطرفين حتى الآن. وتأتي في وقت يتصاعد فيه الجدل حول ما إذا كانت الضربات الأميركية قد نجحت فعلاً في تدمير أو حتى تأخير البرنامج النووي الإيراني بشكل فعّال.
تصعيد لغوي ورسائل تهديد مبطنة
هاجم خامنئي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، متهماً إياه بـ”المبالغة غير العادية” في توصيف نتائج الضربات الأميركية، ومشدداً على أن بلاده سترد مجددًا في حال تعرضها لهجوم. كما وصف استهداف إيران لقاعدة العديد بأنه “صفعة قوية على وجه أميركا”، مدعيًا أن القدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم في قلب التواجد العسكري الأميركي بالمنطقة تمثل “واقعة كبرى” قابلة للتكرار.
ادعاءات انتصار تتناقض مع تقارير ميدانية
وفي تناقض صارخ مع الواقع، هنّأ خامنئي الشعب الإيراني بـ”الانتصار” على إسرائيل، مدعيًا أن الدولة العبرية “سُحقت تقريبًا” بفعل الهجمات الصاروخية والمسيّرات الإيرانية. هذه التصريحات تأتي رغم إعلان إسرائيل، بالموازاة، عن “انتصار تاريخي”، في خطاب مماثل أطلقه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يعكس محاولة متبادلة لتوظيف نتائج الحرب في الخطاب الداخلي.
الجدل الأميركي: هل نجحت الضربات؟
في الولايات المتحدة، ما تزال الأوساط السياسية والاستخباراتية في حالة جدل بشأن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية. فبحسب تقييم أولي مسرّب من شبكة “سي إن إن”، فإن الضربات الأميركية فجر الأحد، التي استهدفت منشآت رئيسية مثل فوردو، لم تُحدث سوى تأخير محدود في البرنامج النووي الإيراني، ربما لا يتعدى بضعة أشهر، وهو ما دفع بعض الخبراء إلى طرح فرضية إفراغ المواقع من المواد الحساسة قبل استهدافها.
تقييمات متضاربة ومؤتمر مرتقب
من المرتقب أن يعقد وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، مؤتمرًا صحافيًا في وقت لاحق اليوم الخميس، لتقديم تقييم محدث حول أثر الضربات. ذلك يأتي في ظل إصرار ترامب على أن العملية دمرت البنية النووية الإيرانية بالكامل، وهو ما لم تؤكده بعد التقارير المستقلة أو صور الأقمار الصناعية المتاحة.