أعلن قائد الأمن الداخلي في ريف دمشق، العميد حسام الطحان، عن تنفيذ عملية أمنية نوعية أسفرت عن اعتقال عدد من عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، من بينها قواعد إطلاق صواريخ وعبوات ناسفة وسترات انتحارية، وذلك في عدد من مناطق الغوطة الغربية.
العملية جاءت بعد تحقيقات استخبارية دقيقة بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها السلطة السورية الجديدة في التصدي للتهديدات الإرهابية المتبقية.
تفكيك خلية إرهابية نشطة
وأوضح العميد الطحان أن الخلية الإرهابية كانت تنشط في محيط الغوطة الغربية، وأن اعتقال عناصرها تم بعد “رصد وتحقيق ومتابعة دقيقة استمرت عدة أسابيع”، مضيفاً أن “الإرهابيين كانوا يخططون لتنفيذ هجمات تستهدف المراكز الحيوية ومقرات أمنية”.
كما أشار إلى أن المعلومات التي حصلت عليها الاستخبارات العامة أكدت وجود عناصر تنتمي للتنظيم تتحرك في مجموعات صغيرة، وتحاول إعادة تشكيل قواعد لها في المناطق الريفية مستغلة بعض الثغرات الجغرافية.
بعد سقوط النظام السابق: سوريا جديدة تواجه الإرهاب
ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شهدت البلاد مرحلة سياسية وأمنية جديدة، تميزت بتراجع ملحوظ في النشاطات الإرهابية. إلا أن ما تبقى من فلول تنظيم “داعش” ما زال يحاول بين الفينة والأخرى اختبار الجاهزية الأمنية في بعض المناطق، خصوصاً في جنوب سوريا.
وفي هذا السياق، تبنت السلطات الجديدة نهجاً شاملاً لمكافحة الإرهاب، يعتمد على تطوير البنية الاستخباراتية، وتكثيف التنسيق بين الأجهزة الأمنية، إلى جانب العمل على رفع وعي المواطنين بأهمية الإبلاغ عن أي تحرك مشبوه.
أبرز المواجهات مع التنظيم خلال 2025
شهد العام الجاري عدداً من العمليات البارزة ضد التنظيم، من بينها عملية خان الشيح: حيث تمكنت القوات الأمنية من إحباط هجوم مسلح واعتقال خمسة من عناصر التنظيم، وكذلك مداهمة في بلدة زاكية: كشفت عن مخزن كبير للمتفجرات ومعدات تفخيخ متطورة، وأيضا اشتباكات في الكسوة: أدت إلى مقتل قيادي محلي في التنظيم، ومصادرة معدات اتصالات متقدمة.
إلى جانب العمل الأمني، برز دور المجتمع المدني السوري في مكافحة الفكر المتطرف، من خلال إطلاق حملات توعية في المدارس والجامعات ومواقع التواصل الاجتماعي، بهدف فضح أساليب التنظيم في غسل الأدمغة وتجنيد الشباب.
كما عملت منظمات أهلية على توفير برامج دعم نفسي وتأهيلي لفئات الشباب الأكثر عرضة للتأثر بالتطرف.
أهمية المعالجة النفسية والاجتماعية
وفي هذا الإطار، يشير الدكتور فادي عمران، أخصائي الطب النفسي، إلى أن “الخطر لا يكمن فقط في السلاح، بل في العقول التي يُعاد تشكيلها على يد التنظيمات المتطرفة”. ويرى أن الوقاية من الإرهاب تبدأ من توفير بيئة صحية نفسياً واجتماعياً.
من جانبها، تقول الدكتورة ريم زهران، أستاذة علم الاجتماع، إن “ضعف العدالة الاجتماعية والتهميش الذي تعرضت له بعض المناطق ساهم في انتشار التطرف”، مشددة على ضرورة “إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، واستعادة الروابط الاجتماعية”.
سوريا لا تعود إلى الوراء
رغم محاولات “داعش” اختراق الأمن في بعض مناطق ريف دمشق، إلا أن الوقائع تشير إلى جاهزية عالية للأجهزة الأمنية، ووعي متزايد لدى المواطنين، ورفض مجتمعي واسع لأي شكل من أشكال التطرف.
سوريا اليوم، برؤية جديدة وسلطات انتقالية تعمل على بناء مؤسسات قوية، ترفض العودة إلى الوراء، وتدرك أن الانتصار على الإرهاب لا يتحقق فقط بالرصاص، بل أيضاً بالتنمية والعدالة وبناء الإنسان.